
«الشورى» يرفض خفض حد مراجعة العقود الحكومية من 300 ألف إلى 100 ألف دينار
ناقش مجلس الشورى صباح أمس الأحد خلال جلسته تقرير لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بشأن مشروع قانون بتعديل المادة الثانية من القانون رقم (60) لسنة 2006 بشأن إعادة تنظيم هيئة التشريع والرأي القانوني، والذي أُعدّ بناءً على اقتراح بقانون مقدم من مجلس النواب، حيث أوصت اللجنة بعدم الموافقة من حيث المبدأ على مشروع القانون، موضحة أن المشروع يهدف إلى توسيع رقابة الهيئة لتشمل جميع “التصرفات” و”العقود الحكومية”، رغم أن النص الحالي يقتصر على العقود فقط، مع وجود فارق كبير بين المفهومين، قبل أن يأتي تصويت المجلس بالموافقة على توصية اللجنة بعدم الموافقة على مشروع القانون من حيث المبدأ.
وبين مقرر اللجنة عادل المعاودة أن المشروع المقترح يُخضع العقود الحكومية لمراجعة شاملة من قبل الهيئة، وهو ما يتجاوز الاختصاص المحدد للهيئة والمتمثل في إبداء الرأي في المسائل القانونية أو المراجعة الشكلية والإجرائية للعقود.
من جهتها، ذكرت رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية دلال الزايد أن اللجنة رأت عدم وجود حاجة فعلية لتعديل القانون القائم، خاصة في ظل وجود أدوات رقابية وتشريعية أخرى مثل قانون تنظيم المناقصات، والدليل المالي الموحد، والدليل الاسترشادي للعقود، وقانون ديوان الرقابة المالية والإدارية.
وأوضحت أن مشروع القانون يتضمن النزول بالحد الأدنى للتصرفات والعقود إلى 100 ألف دينار، وهو أمر لا مبرر له حالياً، لا سيما وأن العقود الحكومية تخضع بالفعل للمراجعة عبر قنوات متعددة.
وكشفت الزايد أن هيئة التشريع والرأي القانوني تراجع ما يقارب 450 عقداً سنوياً، مشيرة إلى أن إخضاع جميع العقود لهذا المشروع سيؤدي إلى تعطيل تقديم الخدمات الضرورية، خصوصاً في ظل تغير الأسعار وسرعة الإجراءات المطلوبة عند التعاقد مع القطاع الخاص.
وأضافت أن الحكومة بذلت جهوداً كبيرة لدعم الوزارات في هذا الجانب، من خلال تزويدها بأدلة استرشادية وضمان وجود كوادر قانونية وطنية داخل كل جهة وزارية، مما يحقق الرقابة القانونية دون الحاجة إلى التعديل المقترح.
وشددت الزايد على أن توصية اللجنة برفض المشروع تستند إلى قراءة متعمقة للقانون النافذ، ومدى الحاجة إلى التعديل، مؤكدة أن المشروع قد يتسبب في إبطاء الحصول على الخدمات الأساسية، ويؤثر سلباً على سرعة إنجاز العقود الحكومية.
من جانبه، رأى عضو مجلس الشورى د. محمد الخزاعي أن المشروع سيزيد العبء على هيئة التشريع والرأي القانوني، نتيجة تقليص الحد الأدنى للعقود من 300 ألف إلى 100 ألف دينار، معتبراً أن الحل الأنسب هو إنشاء جهاز مختص بمراجعة العقود الحكومية.
وقال الخزاعي: “اللجنة أصابت في توصيتها برفض المشروع؛ لأن أهدافه تتعارض مع المنطق الإداري والتنظيمي”.
بدوره، ذكر عضو مجلس الشورى علي العرادي إن التعديلات التشريعية ينبغي أن تستند إلى تقييم واقعي لعدد العقود ونوعياتها، ووجود الضمانات الكافية، مؤكداً أن الدولة تمتلك حالياً منظومة رقابية متكاملة تشمل التدقيق الخارجي والأدلة الإرشادية.
وأضاف أن أسعار السلع والخدمات شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، ما يجعل من الأنسب رفع المعيار القيمي عوضا عن خفضه، محذراً من أن تطبيق مشروع القانون سيؤدي إلى إغراق الهيئة بمزيد من المهام، ويعيق عملها الأساسي في صياغة التشريعات.
وختم العرادي حديثه بالتساؤل حيث قال: “هل لدى الهيئة القدرة والموارد لمراجعة هذا الكم من العقود والمستندات؟”، مؤكداً أن المشروع سيتسبب في تعطيل العمل، ويستوجب زيادة ميزانية الهيئة دون مبرر حقيقي.
من جهته، أكد النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو اتفاقه مع ما ورد في تقرير اللجنة بعدم الموافقة على مشروع القانون، موضحاً أنه لا يرى سبباً مقنعاً لخفض الحد القيمي للعقود.
وبين أن أحكام المصروفات لا يكون من خلال هيئة التشريع والرأي القانوني، مشيراً إلى أنه لم تُسجل أي مخالفات تُعزى إلى العقود المبرمة، كما أن الوزارات تضم كوادر وطنية مؤهلة تتولى مراجعة العقود.
وأضاف فخرو قائلاً: “لم نسمع عن أي مخالفات وقعت نتيجة عمل هذه الكوادر، ومن واجبنا تسهيل العمل الحكومي لا تعقيده”، مشيراً إلى أن الأصل هو رفع الحد القيمي أو حتى إلغائه، لا خفضه.
No Comment! Be the first one.