
تونس تواجه تحديات سوق الشغل : تسريح جماعي للعمال قبيل تنفيذ قانون إلغاء عقود المناولة
بسام بن ضو/ تونس
في ظل التحولات التشريعية الجارية في تونس، يشهد سوق الشغل اضطرابات ملحوظة، خاصة بعد مصادقة البرلمان على قانون يُلغي عقود المناولة ويمنع التشغيل عبر مؤسسات وسيطة في القطاعين العام والخاص ، هذا القانون الذي تم التصديق عليه في مارس 2025، يهدف إلى تعزيز حقوق العمال وتحسين ظروف عملهم، إلا أنه أثار جدلاً واسعاً حول تأثيراته الاقتصادية والاجتماعية.
**تسريح العمال قبيل تنفيذ القانون
أفاد الاتحاد العام التونسي للشغل بأن العديد من المؤسسات بدأت في تسريح العمال الذين كانوا يعملون بعقود مناولة، وذلك تحسباً لتطبيق القانون الجديد .
وفي قطاع السياحة، أكد محمد بركاتي، رئيس اتحاد السياحة والصناعات التقليدية، بأن أكثر من 1200 عامل تم فصلهم من وظائفهم في عدة فنادق ومؤسسات سياحية ، وأشار بركاتي إلى أن الشركات سارعت إلى إنهاء عقود العمال غير المثبتين قبل دخول القانون حيز التنفيذ، مما أثار مخاوف بشأن تأثير هذه الإجراءات على الموسم السياحي الصيفي .
**تفاصيل القانون الجديد
ينص القانون الجديد على تحويل جميع عقود الشغل محددة المدة إلى عقود غير محددة المدة تلقائياً، دون الحاجة إلى إبرام عقد جديد أو انتظار انتهاء العقد السابق . كما يُعتبر جميع العمال الذين كانوا يشتغلون في إطار مناولة اليد العاملة عمالاً ثابتين في المؤسسة المستفيدة من خدماتهم ، اعتباراً من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ . ويتم احتساب الأقدمية المكتسبة في إطار المناولة ضمن الأقدمية العامة، شريطة أن تكون العلاقة الشغلية منتظمة دون انقطاع يتجاوز سنة .
آراء متباينة حول القانون
رحب الاتحاد العام التونسي للشغل بالقانون، معتبراً إياه خطوة إيجابية نحو إنهاء “العبودية” التي فرضتها عقود المناولة ، وتحقيق استقرار وظيفي للعمال .
في المقابل، أعرب خبراء اقتصاديون عن قلقهم من أن يؤدي القانون إلى زيادة تكاليف التشغيل، مما قد يدفع الشركات إلى تقليص عدد الموظفين أو تجميد التوظيف، وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة .
وأشار فوزي عبد الرحمان، وزير التشغيل السابق، إلى أن التعديلات الجديدة صيغت بفكر قانوني وإداري بحت ، دون مراعاة الاعتبارات الاقتصادية، مما قد يؤثر سلباً على سوق العمل والاستثمارات الأجنبية .
السياق الاقتصادي والاجتماعي
تأتي هذه التغييرات في وقت تواجه فيه تونس تحديات اقتصادية كبيرة، حيث بلغت نسبة البطالة 16% بنهاية الربع الثالث من عام 2024، وفقاً للمعهد الوطني للإحصاء . ويُخشى أن تؤدي الإجراءات الجديدة إلى تفاقم هذه الأزمة، خاصة في ظل عدم وضوح آليات تطبيق القانون وضمان حقوق العمال الذين تم تسريحهم قبيل دخوله حيز التنفيذ .
بينما يُعد القانون الجديد خطوة نحو تعزيز حقوق العمال وإنهاء أشكال التشغيل الهش، إلا أن توقيته وتداعياته الاقتصادية تثير تساؤلات حول مدى جاهزية السوق التونسي لاستيعاب هذه التغييرات. من الضروري أن تتخذ الحكومة إجراءات مرافقة لضمان تطبيق يسير للقانون، وحماية حقوق جميع الأطراف المعنية، وتفادي أي انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني.
No Comment! Be the first one.