
جدل قانون صلاحيات الحرب.. هل تنخرط واشنطن في العدوان على إيران؟
جدول المحتويات
يتصاعد الحديث عن دور أميركي في العدوان الإسرائيلي على إيران، وسط مخاوف من تصعيد يتمثل بتدخل أميركي مباشر في الصراع، يقال إنّ تل أبيب تدفع باتجاهه لـ”حسم” المعركة بصورة نهائية.
في الأثناء يطفو الجدل بين المشرعين الأميركيين بشأن قانون صلاحيات الحرب، والهامش الذي يمنحه للرئيس دونالد ترمب، الذي أثار الجدل في الأيام الأخيرة بمواقف بدت لكثيرين غير واضحة. ففي البداية، أعلن ترمب أنه عارض ضربة إسرائيلية قد “تنسف” المفاوضات النووية قبيل الجولة السادسة منها، لكنه عاد بعد ساعات من بدء العدوان في 13 يونيو/ حزيران الجاري ليشيد بالضربة ويؤكد أنه كان على علم بها.
في الوقت نفسه، شدد ترمب على أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتدخل بشكل مباشر في الحرب إلّا في حال تعرض قواعدها العسكرية في الشرق الاوسط لهجمات إيرانية. إلا أنّ تصريحاته بالتزامن مع حضورة قمة الدول السبع في كندا أثارت المخاوف من تصعيد الموقف الأميركي، إذ غرد على منصته “تروث سوشال” مطالبًا “سكان طهران بإخلائها فورًا”.
ومرة جديدة، عاد ترمب ليقول إنه على إيران الإذعان الكامل والتخلي عن برنامجها النووي، فاتحًا المجال أمام الدبلوماسية بالقول: “إذا كانت إيران تريد التفاوض فهم يعرفون كيف يتواصلون معي”.
محاولات لتقييد يد ترمب
في الأثناء، يتخوف الديمقراطيون من جرّ الولايات المتحدة الأميركية إلى ميدان المعركة بين إيران وإسرائيل، فيما ينقسم الجمهوريون بين مؤيد للعدوان الإسرائيلي على إيران وبين رافض له ومتمسك بشعار “أميركا أولًا”.
وقد دفعت المخاوف من أن يستخدم الرئيس ترمب سلطته لإدخال القوات الأميركية في الأعمال العسكرية ضد إيران بالسيناتور الديمقراطي تيم كين من ولاية فرجينيا، لشن حملة لكبح سلطة ترمب.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، طرح كين تشريعًا لمنع ترمب من استخدام القوة العسكرية دون تفويض من الكونغرس. وقال كين في بيان أعلن فيه القرار: “ليس من مصلحتنا الأمنية القومية الدخول في حرب مع إيران إلا إذا كانت تلك الحرب ضروريةً للغاية للدفاع عن الولايات المتحدة”. وأضاف: “أشعر بقلقٍ بالغ من أن التصعيد الأخير في الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران قد يجرّ الولايات المتحدة سريعًا إلى صراعٍ آخر لا نهاية له”.
السيناتور الديمقراطي تيم كين- رويترز
ويُمثّل هذا الإجراء، وفق الصحيفة، استنادًا مباشرًا إلى قرار صلاحيات الحرب، وهو قانون فيدرالي صدر عام 1973، وكان الهدف منه تقييد سلطة الرئيس في الدخول في صراع مسلح دون موافقة الكونغرس.
قانون صلاحيات الحرب 1973
ورغم أن هذا القانون يسمح لترمب بإعلان عمل عسكري دفاعًا عن النفس في حال وقوع هجوم وشيك، إلا أنه سيُلزمه بطلب الموافقة قبل تنفيذ أي عمليات هجومية ضد إيران.
ويعرف قرار صلاحيات الحرب لعام 1973 باسم قانون صلاحيات الحرب، وهو قرار صادر عن الكونغرس يهدف للحد من قدرة رئيس الولايات المتحدة على بدء أو تصعيد العمليات العسكرية في الخارج. ويسعى القانون، الذي قدّمه السيناتور جاكوب ك. جافيتس من نيويورك، إلى الحد من سلطة السلطة التنفيذية عند إرسال القوات العسكرية الأميركية إلى نزاع مسلح دون موافقة الكونغرس الأميركي، إذ ينص القانون على وجوب إخطار الرئيس الكونغرس في غضون 48 ساعة من بدء العمل العسكري، ويحظر على القوات المسلحة البقاء لأكثر من 60 يومًا.
صلاحيات الحرب وفق الدستور الأميركي
ووفق موقع “نيكسون ليبراري“، يُقسّم الدستور صلاحيات الحرب بين الكونغرس والرئيس. فالكونغرس هو وحده المخول بإعلان الحرب وتخصيص التمويل العسكري، ومع ذلك، يبقى الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
تمنح المادة الأولى، القسم 8، البند 11 من دستور الولايات المتحدة، الكونغرس سلطة إعلان الحرب. يستمد الرئيس سلطة توجيه الجيش بعد إعلان الكونغرس للحرب من المادة الثانية، القسم 2. تُعرف هذه السلطة الرئاسية باسم القائد الأعلى للقوات المسلحة. تتطلب هذه الأحكام التعاون بين الرئيس والكونغرس فيما يتعلق بالشؤون العسكرية، حيث يمول الكونغرس العملية أو يعلنها ويوجهها الرئيس.
تتصاعد المخاوف من تدخل أميركي عسكري في العدوان الإسرئيلي على إيران- رويترز
قانون عارضه نيكسون
وقد أدى التدخل العسكري الأميركي في الصراعات الكورية والفيتنامية المطولة في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، من دون إعلان الحرب من جانب الكونغرس، إلى طمس الخطوط الفاصلة بين السلطة الرئاسية وسلطة الكونغرس بشأن الموافقة على الحرب وشنها.
وبلغت الإحباطات في الكونغرس ذروتها خلال إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون عندما أُمرت بقصف سرية لكمبوديا خلال حرب فيتنام دون موافقة الكونغرس. وأقرّ الكونغرس قرار صلاحيات الحرب لعام 1973، بهدف الحد من سلطة الرئيس في شن الحرب، وإعادة تأكيد سلطته على الحروب الخارجية.
استخدم الرئيس نيكسون حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القانون مدعيًا أنه فرض “قيودًا غير دستورية وخطيرة” على السلطة الرئاسية. إلّا أن الكونغرس تجاوز حق النقض، وأصبح القرار قانونًا نافذًا بعد انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام في أوائل عام 1973.
ومنذ إقرار قانون صلاحيات الحرب، قدّم الرؤساء الأميركيون المتعاقبون أكثر من 132 تقريرًا إلى الكونغرس، بحسب “نيكسون ليبراري”. وتشمل هذه التقارير عمليات النقل الجوي والإجلاء التي نُفذت في كمبوديا في عام 1975، وإرسال قوات إلى العاصمة اللبنانية بيروت في عام 1982 وحرب الخليج في عام 1991 وغيرها.
لكنه واجه تحديات أيضًا، شملت نشر الرئيس الأميركي رونالد ريغان لقوات في السلفادور في عام 1981، وقصف كوسوفو أثناء إدارة بيل كلينتون في عام 1999، والعمل العسكري الذي بدأه باراك أوباما ضد ليبيا في عام 2011.
قانون مثير للجدل
ومنذ صدوره، كان قرار صلاحيات الحرب مثيرًا للجدل، إذ تُشير السلطة التنفيذية باستمرار إلى الحاجة إلى مرونة أكبر في حماية المصالح الأميركية عسكريًا في الخارج، بينما تُصرّح السلطة التشريعية بحاجتها إلى الحفاظ على رقابة مُحكمة على السلطة الرئاسية.
لم يلتزم جميع الرؤساء الأميركيين بقانون صلاحيات الحرب 1973- رويترز
وبحسب موسوعة “بريتانيكا“، فمنذ إقرار هذا القرار المشترك، دأب الرؤساء على اتخاذ إجراءات “متوافقة مع” أحكام القانون، لا “وفقًا لها”، بل سعوا في بعض الحالات إلى الحصول على موافقة الكونغرس على العمل العسكري دون اللجوء إلى القانون نفسه. وقد اشتكى أعضاء الكونغرس من عدم إخطارهم في الوقت المناسب أو تزويدهم بتفاصيل كافية بشأن بعض الاشتباكات العسكرية.
ولجأ بعض المشرعين إلى القضاء لطلب الفصل فيما يعتقدون أنه انتهاك للقانون. وبشكل متزايد، اتخذ الرؤساء من القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة أو حلف شمال الأطلسي مبررًا للتدخل العسكري.
تفويض استخدام القوة العسكرية
وبحسب موقع “كورنل لو سكول“، فبعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 التي استهدفت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الأميركية في واشنطن، أصدر الكونغرس الأميركي قانون تفويض استخدام القوة العسكرية ضد “الإرهابيين”. ويمنح هذا القانون الرئيس الأميركي صلاحيات استخدام القوة اللازمة ضد جميع الدول أو الأشخاص المرتبطين بهجمات 11 سبتمبر .
فبينما يمنح الدستور الكونغرس سلطة إعلان الحرب، يتمتع الرئيس، بصفته القائد الأعلى، بسلطة واسعة في إدارة العمليات العسكرية. يمثل قرار صلاحيات الحرب وتفويض استخدام القوة العسكرية محاولات لتحديد هذه الصلاحيات وتقييدها، إلا أن التوازن الدقيق يبقى موضع نقاش وجدل مستمرين.
No Comment! Be the first one.