
سجال قانوني في أميركا.. هل الولايات المتحدة في حالة حرب مع إيران؟
جدول المحتويات
منذ سنوات، يعمل أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على محاولة فرض قيود أكبر على قدرة الرئيس على إصدار أمر بعمل عسكري، بعد عدد من الحروب الأميركية الكارثية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وأعاد قرار الرئيس الحالي دونالد ترمب شنّ ضربات على منشآت إيران النووية من دون إذن من الكونغرس، تسليط الضوء على أهمية هذه الجهود، خاصّة وأنّ الدستور الأميركي يمنح الكونغرس وحده سلطة إعلان الحرب.
ويرى العديد من الديمقراطيين وحتى بعض الجمهوريين، أنّ الهجوم الأميركي على إيران كان بمثابة إعلان حرب، وأنّ ترمب تصرّف بشكل غير قانوني.
غير أنّ عددًا من مساعدي ترمب وصفوا الضربة بأنّها “عمل محدود يستهدف فقط القدرات النووية الإيرانية، ولا يرقى إلى مستوى الحرب”.
وبينما قال وزير الخارجية ماركو روبيو لشبكة “فوكس نيوز”، إنّ “هذه ليست حربًا على إيران”، أكد نائب الرئيس جيه دي فانس أنّ ترمب يتمتع “بسلطة واضحة للتصرف لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل”.
إلا أنّ ترمب بنفسه ألمح إلى أنّ أهدافه العسكرية في إيران قد تكون أكثر توسعًا ملمحًا إلى إسقاط النظام الإيراني.
وكتب ترمب على منصّته “تروث سوشيال”: “إذا كان النظام الإيراني الحالي غير قادر على جعل إيران عظيمة مرة أخرى، فلماذا لا يكون هناك تغيير في النظام؟؟؟”.
هل يتمتّع ترمب بالسلطة لشنّ هجومه من دون استشارة الكونغرس؟
تشمل الانتقادات الموجّهة للهجوم الذي جاء بعد أقلّ من أسبوعين من بدء إسرائيل عدوانها على إيران، عدم منح ترمب لصنّاع السياسات الأميركيين والمُشرّعين والجمهور الوقت الكافي لمناقشة دورهم في الصراع الذي يُحذّر الخبراء من أنّه قد يتمدّد بسرعة إذا ردّت إيران.
وتمنح المادة الأولى من القسم الثامن من الدستور الأميركي، الكونغرس عشرات الصلاحيات مثل تحصيل الضرائب وإنشاء مكاتب البريد، فضلًا عن سلطة “إعلان الحرب” و”حشد ودعم الجيوش”.
واعتبر واضعو الدستور هذا البند ضامنًا أساسيًا للسلطة الرئاسية، وفقًا لمقال كتبه أستاذا القانون مايكل د. رامزي وستيفن آي. فلاديك لصالح المركز الوطني للدستور.
وفي بدايات التاريخ الأميركي، وافق الكونغرس حتى على نزاعات محدودة، بما في ذلك النزاعات الحدودية مع قبائل الأميركيين الأصليين.
إلا أنّ المسألة أصبحت أكثر تعقيدًا بسبب المادة الثانية من الدستور التي تُحدّد صلاحيات الرئيس، إذ تمنحه منصب “القائد الأعلى” للجيش الأميركي.
واستشهد رؤساء كلا الحزبين الذين اعتمدوا بشكل كبير على الآراء القانونية التي كتبها محامو السلطة التنفيذية، بهذه اللغة لتبرير العمل العسكري من دون تدخل الكونغرس.
وحاول الكونغرس تأكيد دوره من خلال قرار سلطات الحرب لعام 1973، الذي ينصّ على أنّ الرئيس الأميركي يجب أن “يتشاور مع الكونغرس قبل إدخال القوات المسلحة للولايات المتحدة في أعمال عدائية أو في موقف حيث تشير الظروف بوضوح إلى المشاركة الوشيكة في الأعمال العدائية”.
لكنّ الرؤساء تجاهلوا هذه الصياغة مرارًا وتكرارًا، أو طالبوا بتعريف ضيّق لـ”إدخال” القوات. ولم يبذل الكونغرس جهدًا يُذكر لتطبيق القرار.
ما هو موقف أعضاء الكونغرس من الضربات الأميركية؟
انتقد الديمقراطيون بشكل شبه موحّد، بالإضافة إلى عدد قليل من الجمهوريين، تصرّف ترمب من دون موافقة الهيئة التشريعية.
وفي هذا الإطار، قال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين في بيان ردّده العديد من زملائه: “إن أفعال ترمب تُشكّل انتهاكًا واضحًا لدستورنا، متجاهلًا الشرط الذي ينصّ على أنّ الكونغرس وحده لديه سلطة إعلان الحرب”.
بينما قال النائب الجمهوري عن ولاية كنتاكي توماس ماسي لشبكة “سي بي إس نيوز“، إنّه لا يوجد “تهديد وشيك للولايات المتحدة” من إيران، ما قد يدفع ترمب إلى الهجوم.
بدوره، دعا السيناتور الديمقراطي تيم كين، الكونغرس إلى التحرّك فورًا لتأكيد دوره في أي عمل عسكري أميركي محتمل.
وقال كين لـ ” سي بي إس نيوز”: “لو قصفت إيران منشأة نووية أميركية لكنّا سنعتبرها حربًا بالطبع”، مضيفًا أنّ واشنطن تقفز إلى حرب اختيارية بناءً على تحريض ترمب، من دون أي مصلحة أمنية وطنية ملحّة تدفعها إلى التصرّف بهذه الطريقة، وخاصة من دون نقاش أو تصويت في الكونغرس”.
بينما دعت النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز إلى عزل ترمب، بعد أن تجاوز حدوده بشكل غير مسموح.
في المقابل، رفض الجمهوريون المتشددون هذه الوصف، وقال السيناتور ليندسي غراهام لشبكة “إن بي سي نيوز”، إنّ ترمب “كان يتمتع بكل الصلاحيات التي يحتاجها بموجب الدستور”، في إشارة إلى سلطته كقائد أعلى للجيش الأميركي بموجب المادة الثانية من الدستور.
ماذا يقول علماء القانون؟
ويؤكد العديد من المحامين والعلماء الذين درسوا القانون الدولي للصراع المسلح، أنّ الولايات المتحدة هي بلا شك في حالة حرب مع إيران لأغراض تطبيق هذا القانون، وأنّ ترمب انتهك الاتفاقيات الدولية.
وقالت أونا هاثاواي، أستاذة القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة ييل والتي عملت في وزارة الدفاع لصحيفة “نيويورك تايمز“: “الإجابة المختصرة هي أنّ ما قام به ترمي هو غير قانوني بموجب القانون الدولي والقانون المحلي الأميركي”.
كما أكد برايان فينوكين المحامي السابق في وزارة الخارجية الأميركية، أنّ ترمب كان بحاجة إلى طلب إذن الكونغرس مسبقًا، مضيفًا: “هناك بالتأكيد صراع مسلح بين الولايات المتحدة وإيران، لذا فإن قانون الحرب ينطبق”، مشيرًا إلى أنّ الرئيس الأميركي”انتهك ميثاق الأمم المتحدة”.
وقال ريان غودمان أستاذ القانون في جامعة نيويورك والذي عمل أيضًا في وزارة الدفاع الأميركية، إن “إحدى المسائل المهمة لكل من القانون المحلي والقانون الدولي بشكل خاص هي مسألة “الحدث الوشيك”.
وأشار غودمان إلى أنّ إدارة ترمب تُبرّر الهجوم الأميركي من خلال القول إنّ تطوير إيران لسلاح نووي “كان وشيكًا”، غير أنّ القانون “يتطلّب أن يكون الهجوم وشيكًا”، خاصّة أنّ وكالات الاستخبارات الأميركية قدّرت أنّ إيران لم تُقرّر بعد صنع مثل هذا السلاح، على الرغم من أنّها طورت مخزونًا كبيرًا من اليورانيوم المخصّب اللازم لصنع القنبلة النووية.
كيف سيتصرّف الكونغرس؟
وبينما أبدى زعماء الحزب الجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ دعمهم للضربة الأميركية على إيران، يُطالب الديمقراطيون وعدد قليل من الجمهوريين الكونغرس بالموافقة على أي عمل عسكري آخر محتمل.
وفي هذا الإطار، قدّم السيناتور كين قرارًا في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي يُلزم ترمب بالحصول على موافقة صريحة من الكونغرس قبل اتخاذ أي إجراء عسكري ضد إيران، على أمل أن يُطرح للتصويت هذا الأسبوع.
كما قدّم النائب الجمهوري ماسي بالاشتراك مع النائب الديمقراطي رو روخانا قرارًا مماثلًا بشأن صلاحيات الحرب الأسبوع الماضي.
وكتب ماسي في منشور على منصّة “إكس” أمس الأحد: “عندما تقصف دولتان بعضهما البعض يوميًا في حرب ساخنة، ثمّ تنضم دولة ثالثة إلى القصف، فهذا عمل من أعمال الحرب”.
No Comment! Be the first one.