
قانون إسرائيلي يغيب الفلسطينيين رغم وجودهم لمصادرة أراضيهم
مع أن أصحابها موجودون على بعد مئات الأمتار منها، لكن إسرائيل تعتزم مصادرة مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين بدعوى أنهم غائبون عنها، وفقاً لقانون “أملاك الغائبين” الذي سنته إسرائيل بعد عامين على تأسيسها كـ “أداة لمصادرة عقارات الفلسطينيين الذي أجبرتهم على الهجرة”.
ومع أن القانون كان يستهدف الأملاك المنقولة وغير المنقولة للفلسطينيين في أراضي 1948، لكن إسرائيل بدأت بتطبيقه جزئياً في مدينة القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل لها بعد عام 1967.
وفتح قرار للمحكمة العليا الإسرائيلية عام 2015 الباب أمام تطبيق القانون على أملاك الفلسطينيين في القدس، لكن في “أضيق إطار ممكن وفي حالات خاصة ونادرة جداً”.
قانون “أملاك الغائبين”
وتعتزم السلطات الإسرائيلية توسيع مستوطنة “غيلو” جنوب القدس على حساب أراض تقع ضمن حدود بلدية القدس لكنها مصنفة فلسطينياً على أنها تتبع مدينة بيت جالا، وتتوسط تلك الأراضي المقرر مصادرتها المنطقة بين شارع الأنفاق ومستوطنة غيلو.
وتُصنف إسرائيل 29 في المئة من تلك الأراضي على أنها ملكية خاصة و12 في المئة مملوكة لدولة إسرائيل و15 في المئة تحت إدارة “الوصي على أملاك الغائبين” و44 في المئة غير مسجلة رسمياً.
ومع أن تلك الأراضي واقعة داخل حدود بلدية القدس، لكن جزءاً كبيراً من أصحابها يقيمون في مناطق قريبة منها خارج حدود البلدية، ولا يحملون الهوية الإسرائيلية لذلك تعتبرهم إسرائيل “غائبين”.
ولا يقتصر تطبيق قانون أملاك الغائبين على فترة زمنية محددة لكنه يبدأ من تاريخ إعلان قرار تقسيم في الـ 30 من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1947، ويتواصل حتى إنهاء إسرائيل حال الطوارئ التي فرضتها عام 1948.
وفي كل عام تمدد إسرائيل حال الطوارئ في ظل وجود قوانين عدة مرتبطة بها، مما يعني أن إلغاء هذه الحال سيؤدي إلى بطلان مفعول هذه القوانين ومنها قانون “أملاك الغائبين”.
ويفتح قرار إسرائيل تسجيل العقارات والأراضي في القدس الشرقية الباب واسعاً أمام تطبيق قانون “أملاك الغائبين”، وفق مسؤولين وخبراء فلسطينيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأجيل قرار التسوية
وكانت السلطات الإسرائيلية أجلت تنفيذ قرار التسجيل المعروف بـ “التسوية” حتى نهاية شهر أبريل (نيسان) الجاري، في ظل عدم تسجيل أكثر من 90 في المئة من العقارات في القدس الشرقية، واعتبر مستشار محافظة القدس معروف الرفاعي أن “مُلّاك العقارات داخل حدود بلدية القدس والمقيمين في ضواحي القدس خارج تلك الحدود أو في أي مكان في الضفة الغربية، ولا يحملون الهوية الإسرائيلية، يعتبرهم القانون غائبين ويتيح مصادرة ممتلكاتهم”، موضحاً أن قانون أملاك الغائبين “يمكن أن ينطبق على 40 في المئة من أملاك القدس”.
وبحسب الرفاعي فإن “تل أبيب ستبدأ بتسوية أراضي القدس من المناطق الفارغة تمهيداً لمصادرتها لمصلحة التوسع الاستيطاني”، رافضاً الإجابة عن سؤال عن الموقف الرسمي الفلسطيني إزاء قرار تسجيل الأراضي، ومضيفاً أن “الأمر يعود لكل فلسطيني بحسب وضعه القانوني، وبعد استشارة محاميه”، ومشدداً على أن مدينة القدس “محتلة وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، لذلك فإن وإجراءات إسرائيل غير شرعية وغير قانونية”.
ويرى الخبير في شؤون الخرائط خليل تفكجي أن تطبيق قانون أملاك الغائبين في القدس “يعود لكل حال بصورة منفردة، فهناك قضايا أقرت المحاكم الإسرائيلية تطبيق القانون عليها وقضايا أخرى رفضتها”.
تغيير الوضع القائم
من جهتها اعتبرت مديرة القسم القانوني في مركز “عدالة” سهاد بشارة أن تطبيق قانون أملاك الغائبين في إسرائيل عموماً والقدس خصوصاً يشكل “تغييراً للوضع القائم منذ عشرات الأعوام، إذ كان يحظر تطبيقه في القدس الشرقية بوجود المُلّاك داخل الضفة الغربية”.
وبحسب بشارة فإن القانون يستهدف “سلب أراض فلسطينية بأسلوب لا يطبق على المستوطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة الغربية ولهم أملاك داخل إسرائيل”.
وأوضحت بشارة أن النيابة العامة الإسرائيلية لفتت إلى أن “استثناء اليهود الإسرائيليين من القانون سببه أنهم مواطنون في دولة إسرائيل”، مضيفة أن القانون جرى سنّه في الأصل “للتعامل مع الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية في داخل إسرائيل”، محذرة من أن تسجيل أراضي القدس “سيفتح الباب أمام تطبيق قانون الغائبين حتى ضد اللاجئين في الأراضي الإسرائيلية عام 1967”.
وحول استمرار سريان مفعول القانون وارتباطه بوقف حال الطوارئ، قالت بشارة إن ذلك “يتيح لإسرائيل التعامل مع أوضاع جيوسياسية جديدة مثل احتلالها القدس والضفة الغربية عام 1967″، مشيرة إلى أن الحكومات الإسرائيلية منعت في البداية تنفيذه في القدس، لكن ذلك بحسب بشارة “تغير مع الوقت نتيجة تبدلات الوضع السياسي وحكم اليمين الإسرائيلي المتطرف ونشاط المستوطنين في هذا المجال”.
“تسريع بناء مستوطنات”
وقبل أشهر عيّن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الناشط الاستيطاني حنانئيل غورفينكل مديراً لوحدة “الوصي على أملاك الغائبين”، فيما أشارت منظمات حقوقية إسرائيلية إلى أن تعيين غورفينكل يهدف إلى “تسريع بناء مستوطنات في القدس وتهويد القدس الشرقية”.
ويرى أستاذ الجغرافيا في جامعة حيفا راسم خمايسي أن قانون أملاك الغائبين يندرج في “إطار القوانين الإسرائيلية الهادفة إلى الاستيلاء على عقارات فلسطينية بطرق قانونية إسرائيلية”، موضحاً أن مصادرة أراضي الضفة الغربية يجري وفق “قوانين عسكرية لأن إسرائيل لم تضمها إليها حتى الآن وتفرض قوانيها العادية عليها”، بينما اعتبر الباحث الإسرائيلي في جمعية “عير عميم” أفيف تتارسكي أن “الاستخدام الواسع لقانون ‘أملاك الغائبين’ لبناء المستوطنات في القدس الشرقية يُعد من أبرز مظاهر التمييز الذي تمارسه إسرائيل في المدينة”.
No Comment! Be the first one.