
“قيصر سوريا” يكشف عن هويته ويروي تفاصيل عن التعذيب بسوريا في عهد الأسد
كشف عن هويته صاحب الاسم المستعار “قيصر” والمسرب لصور للتعذيب في السجون السورية خلال عهد الرئيس السابق في سوريا بشار الأسد، والتي أدت إلى فرض الولايات المتحدة قانون عقوبات على النظام السوري السابق تحت نفس الاسم لحماية المدنيين في العام 2019، وذلك خلال مقابلة لقناة الجزيرة الإخبارية يوم الخميس.
“قيصر” هو المساعد أول فريد ندى المذهان والذي شغل منصب رئيس قسم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في العاصمة السورية دمشق، وينحدر إلى مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا.
لماذا كان النظام السوري يصور ضحاياه؟
قال المذهان، خلال المقابلة، إن عمل قسم الأدلة القضائية تحول بعد الاحتجاجات في العام 2011 إلى تصوير جثث ضحايا الاعتقال من شيوخ ونساء وأطفال والذين تم اعتقالهم على الحواجز الأمنية في مدينة دمشق ومن ساحات التظاهر.
وأضاف أنه كان يتم اعتقالهم وتعذبيهم وقتلهم بطرق دموية ممنهجة ونقل جثثهم إلى المشارح في المستشتفيات العسكرية وتصويرها ثم دفنها في مقابر جماعية.
وذكر المذهان أنه لم يكن هناك “تحليل منطقي يفسر رغبة النظام السوري في توثيق جرائمه بالتصوير إلا إذا كان قد أمن العقاب وأنه استبعد تماماً إمكانية محاسبته ومعاقبته دولياً”.
ويعتقد المذهان أن أوامر التصوير كانت تصدر “من أعلى هرم السلطة من أجل التأكد من أن أوامر التعذيب والقتل قد تمت فعلياً وأنه لم يتم هروب أي معتقل بواسطة أو محسوبيات”.
وذكر أن “السبب الثاني – في رأيي – أن قادة الأجهزة الأمنية من خلال صور ضحايا الاعتقال كانوا يعبرون عن ولائهم المطلق لبشار الأسد”.
وقال إن أول أوامر بالتصوير لقسم الأدلة القضائية كان بعد اندلاع الاحتجاجات في 2011، عبر الذهاب إلى مشرحة مستشفى تشرين العسكري لتصوير أشخاص مجهولين تبين لاحقاً أنها جثث لمتظاهرين خرجوا في مدينة درعا.
وذكر أنه كان يخبئ وسائط نقل الصور في ملابسه وربطة الخبز وجسده بسبب خوفه من التفتيش على الحواجز الأمنية، وأن عملية التهريب كانت تتم بصورة شبه يومية إلى مقر إقامته لمدة اقتربت من ثلاثة أعوام.
وقال المذهان إنه كان يمتلك هويتين إحداهما رسمية عسكرية وأخرى مدنية مزيفة من أجل التحرك بين مقر عمله بدمشق ومقر معيشته في مدينة التل بريف دمشق.
ما هي قصة “قيصر”؟
تعود قصة “قيصر” إلى العام 2014 عندما بدأ الكشف عبر عدد من وسائل الإعلام العالمية، عن الصور التي وثقت عمليات التعذيب في السجون والتي وصل عددها إلى 55 ألف صورة، بحسب تقرير سابق لشبكة CNN.
تعاون “قيصر” أو المذهان مع آخرين في التقاط تلك الصور من بينهم صاحب الاسم المستعار “سامي” والذي كشف عن شخصيته أيضاً وكان يعمل مهندساً مدنياً قبل قيام الاحتجاجات في سوريا خلال العام 2011.
اقرأ أيضاً: العقوبات المفروضة على سوريا.. إرث ثقيل وأسئلة مفتوحة بعد سقوط النظام
كان قيصر عضواً في وحدة التصوير الجنائي التابعة للشرطة العسكرية في دمشق. وكان يصور تداعيات حوادث السيارات والحرائق والانتحار وأي حوادث أخرى تتعلق بوزارة الدفاع.
ومع بداية الاحتجاجات في مارس/ آذار من العام 2011 تم نقله إلى مكان آخر حيث تم تكليفه وآخرين بتصوير المعتقلين والمدنيين الذين تعرضوا للتعذيب حتى الموت وذلك في المستشفيات العسكرية، بحسب ما ذكره في تصريحات سابقة.
كانت نقطة التحول في سبتمر/ أيلول من نفس العام عندما قرر أن يفضح النظام السوري السابق، وعمل على نسخ الصور التي كان يلتقطها سراً وخطط لإخراجها من البلاد.
قام قيصر بتحميل تلك الصور وحفظها على قرص إلكتروني USB، وبعد مرور نحو عامين أو عامين ونصف، انشق المذهان عن الجيش السوري في العام 2013 بعد العمل فيه لفترة وصلت إلى 13 عاماً، ونجح في الخروج من البلاد هو وأسرته.
التطورات حتى قانون “قيصر”
مع بدء تسريب تلك الصور في وسائل الإعلام في العام 2014 أجرت لجنة من المدعين العامين في جرائم الحرب وخبراء الطب الشرعي المشهورين دولياً بتحليل الصور، وذكروا أنها دليل على “التعذيب والقتل المنهجي” من نظام الأسد. وأظهرت حوالي 11 ألف ضحية بحسب تقديراتهم.
حاولت فرنسا بعد ذلك استصدار قرار من مجلس الأمن لإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية التي لا تعد سوريا عضواً فيها، لكن روسيا استخدمت حق النقض ضد القرار.
اقرأ أيضاً: ما الجديد في ملف رفع العقوبات عن سوريا؟
ولم تقتصر مهمة المذهان أو “قيصر” على تصوير وتسريب تلك الصور فقط، بل امتدت للذهاب إلى الولايات المتحدة لإقناع الكونغرس الأميركي لاتخاذ إجراءات ضد النظام السوري السابق، وهو ما أسفر في النهاية على إصدار قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين الذي نص على فرض عقوبات جديدة على رموز نظام الأسد السوريين.
منذ العام 2016 أقر مجلس النواب الأميركي مشروع القانون ثلاث مرات، لكنه كان يتعثر في مجلس الشيوخ في كل مرة، حتى أقره المجلس في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2019.
أبرز العقوبات بقانون قيصر
استهدف القانون، الذي دخل حيز التنفيذ في العام 2020، قطاعات حيوية في سوريا مثل الطاقة والبنوك بعقوبات غير مسبوقة. وهدف القانون إلى محاسبة النظام السوري وحلفائه عبر فرض عقوبات اقتصادية شديدة على المسؤولين عن جرائم الحرب المرتكبة خلال فترة الحرب السورية.
اقرأ أيضاً: أميركا تصدر إعفاءات من بعض العقوبات على سوريا لمدة 6 أشهر
وتضمن القانون تجميد أصول الأفراد والكيانات المرتبطة بالنظام السوري، وفرض قيود على التعاملات المالية، وحظر دعم المشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار، وتطول العقوبات أيضاً الشركات والمؤسسات الدولية التي تتعامل مع النظام السوري.
No Comment! Be the first one.