
محام يوضح أثر تجريد القانون من التشريع الإسلامي | حراك
عمون – أثار تجريد مجلس النواب المادة الرابعة في مشروع قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة من ربطها بمراعاة الشريعة الإسلامية جدلا واسعا في الاوساط القانونية والاجتماعية في الأردن.
القانوني عبدالكريم الكيلاني استعرض تاريخ الخلاف بين الشريعة والقانون، ثم الوصول إلى المصالحة بينهما، وتعامل المشرع الأردني معهما.
وقال المحامي الكيلاني، إن معركة الشريعة والقانون بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بعودة نفرٍ من خريجي الجامعات الغربية بالنظريات الفقهية والقانونية التي درسوها في جامعات الغرب، وحرصهم على تطبيقها في دولهم، باعتبارها ذروة ما وصل إليه العقل القانوني.
وأشار إلى أن الطرف الآخر نشأ لديه اعتقاد بوجود حملة لتغريب التشريع في الدول العربية والإسلامية، لينجم عن هذا الخلاف مصطلح “القانون الوضعي” مقابل الشريعة والفقه الإسلامي.
وأوضح أن المعركة احتدمت بين الفريقين، إلى أن قيّض الله للأمة فقهاء من المدرستين، على رأسهم الفقيه المصري عبد الرزاق السنهوري، الذي جمع فأوعى، وأدرك – بعد مناظرات وحوارات ودراسات – ضرورة استدعاء الشريعة الإسلامية في الدراسات الجديدة، واستلهام مبادئ الفقه الإسلامي في التشريع، وهو “الأمل المقدس” على حد تعبير السنهوري، الذي اعتبر أن الفقه ينهض بالتشريع ولا يعيبه.
وأضاف أن فقهاء آخرين، كالأستاذ مصطفى الزرقاء، عكفوا على إعادة تبويب مسائل الفقه في ثوب جديد، بكتابه “المدخل الفقهي العام”.
وزعم أن الدولة التي قطفت ثمرة ذلك كله في مرحلة مبكرة هي الأردن، التي كان لها السبق التاريخي في إقرار قانون مدني عكف على صياغته فقهاء الشريعة والقانون معًا. وعليه، يمكن القول إن افتعال خصومة بين الشريعة والقانون ناجم عن الجهل بكليهما.
وأشار الكيلاني إلى أنه بعد أكثر من خمسة عقود على تطبيق القانون المدني الأردني كنموذج فريد احتذت به جامعة الدول العربية وعدد من الدول العربية والإسلامية، أصبحت الملاءمة بين النظريات القانونية والفقهية مصدرًا لثراء التشريع، ووعاءً من الأحكام والقواعد التي تعين القاضي والمحامي على ربط التشريع الحقوقي بالاحتياجات المعاصرة، وبين الإرث الفقهي الزاخر بمبادئه وقواعده ومبانيه.
وعلّق الكيلاني أن توسيـد المشرع أحكام الفقه الإسلامي أضاف للتشريع وزاده ثراءً، وقد أثبت التطبيق القضائي أن أحكام الفقه الإسلامي توسّع المدارك وتفتح الآفاق، بحيث يُتاح للمشتغلين بهذا الشأن اختيار أفضل ما يحقق مصالح الأفراد، وإقامة العدل.
وأكد أن من أراد التمترس خلف الصراع الذي أكل الدهر عليه وشرب، ظنًّا منه أن تشريعًا يمكن أن يسلخ الأمة عن جذورها، فهو لم يعِ الدرس الذي وعاه آباء الفقه والقانون على السواء، فوصلوا إلى أنضج ثمرة تلائم العصر ولا تعارض قيم الأمة وأخلاقها.
(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
No Comment! Be the first one.