
موقف ألمانيا من نزاع إسرائيل وإيران في ضوء القانون الدولي! – DW – 2025/6/20
جدول المحتويات
عند النظر إلى ردود الفعل الألمانية على الهجوم الإسرائيلي على إيران، وحتى بعد بضعة أيام، يبدو لنا الكثير منها مألوفًا: إذ إنَّ الحكومة الألمانية تمتنع عن انتقاد إسرائيل، ولهجتها ألطف بكثير من لهجة الحكومات الأوروبية الأخرى.
فقد أدلى المستشار فريدريش ميرتس (من الحزب المسيحي الديمقراطي)، يوم الأحد قبل مغادرته إلى قمة مجموعة السبع في كندا، بتصريح موجز حول التصعيد في الشرق الأوسط، وقال إنَّ: “إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن وجودها وأمن مواطنيها”. وإيران يجب ألا تصبح قوة نووية، لأنَّ “برنامج الأسلحة النووية الإيراني يشكّل تهديدًا وجوديًا لدولة إسرائيل”.
كما قال ميرتس خلال مقابلة مع القناة الألمانية الثانية (ZDF) إن إسرائيل، من وجهة نظره، تقوم حاليا “بالعمل القذر” نيابة عن الغرب بأسره. وأضاف ميرتس: “لا يسعني إلا أن أعبر عن بالغ الاحترام لامتلاك الجيش الإسرائيلي الشجاعة، ولقيادة الدولة الإسرائيلية الشجاعة، للقيام بما فعلوه”.
وهذه اللهجة تردد صداها في وقت مبكر في تصريحات ممثلي الحكومة الألمانية. وفي صباح يوم الاثنين، قال نوربرت روتغن، خبير السياسة الخارجية في كتلة الحزب المسيحي الديمقراطي البرلمانية في القناة الأولى الألمانية ARD: “ستكون العواقب وخيمة عندما تصبح إيران، النظام الإرهابي داخليًا وخارجيًا، قوة نووية”.
وتابع روتغن مضيفًا أنَّ هذا ستكون له عواقب وخيمة على أمن إسرائيل ووجودها، وعلى منطقة الشرق الأوسط كلها، وعلى العالم كله – وكذلك على أوروبا. وتساءل: “إلى متى يجب علينا الانتظار؛ حتى يصبح السلاح النووي موجودًا لدى طهران؟”.
ولكن خبير السياسة الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي، روتغن أشار أيضًا إلى وجود نقاش منذ فترة طويلة في ألمانيا حول توافق الهجمات الإسرائيلية على إيران مع القانون الدولي. وعبّر روتغن عن ذلك بعبارة معقدة قائلًا إنَّ هذه “منطقة رمادية معينة في القانون الدولي لا يمكن تجنبها، ولكنها تمثّل أيضًا معضلة”.
هل انتهكت إسرائيل القانون الدولي؟
لكن خبير القانون الدولي دومينيك شتايغر من الجامعة التقنية في دريسدن، له رأي آخر. فقد صرح للقناة الألمانية الثانية بأن إيران من الواضح أنها قد طوّرت برنامجها النووي بشكل كبير خلال السنين الماضية. ولكن القانون الدولي يشترط وجود تهديد وشيك من أجل تبرير ضربة استباقية مثل الضربة التي نفذتها إسرائيل يوم الجمعة. وأضاف شتايغر: “الوضع واضح وضوح الشمس بحسب القانون الدولي: فهنا كان الخطر لا يزال غير واضح، وبالتالي لم يكن من حق إسرائيل الهجوم على إيران”.
والحكومة الألمانية لا تعلن في الوقت الحالي إن كانت ترى الأمر بهذا الشكل أيضًا. فيوم الاثنين (16 يوينو/ حزيران) اختار المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، كريستيان فاغنر، الصيغة التالية في المؤتمر الصحفي الحكومي في برلين: “من الصعب جدًا علينا ببساطة إجراء تقييم من هنا بموجب القانون الدولي. وذلك أيضًا لأنَّنا لا نملك أية معلومات يمكننا مشاركتكم بها هنا”.
إجلاء الألمان من إسرائيل صعب جدًا حاليًا
ثم علّق فاغنر على وضع المواطنين الألمان، الذين ما يزالون عالقين في إسرائيل، لا سيما وأنَّ المجال الجوي فوق إسرائيل مغلق وفرص مغادرتها عن طريق البر محدودة وخطيرة. وسُئل فاغنر لماذا لم تقم ألمانيا بتنظيم قوافل لإجلاء مواطنيها إلى الأردن، كما فعلت بولندا؟ فأجاب بأن عدد المواطنين الألمان في إسرائيل كبير جدًا بحيث لا يمكن فعل ذلك. وذكر يوم الجمعة أنَّ عدد الذين راجعوا السفارة الألمانية هناك 3500 شخص؛ والآن وصل عددهم إلى 4 آلاف. أما في إيران فيقّدر عدد المواطنين الألمان بألف شخص.
الحكومة الألمانية تفاجأت بالهجمات
وحتى يوم الجمعة، كان السؤال المطروح في النقاش بألمانيا متى علمت الحكومة الألمانية من الإسرائيليين بالهجوم الوشيك. من المؤكد أنَّ المستشار ميرتس قد تم إبلاغه في ليلة السبت من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالهجمات الإسرائيلية، وعلى ما يبدو بعد بدئها.
وكذلك تفاجأ وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (من الحزب المسيحي الديمقراطي) بهذه التطورات أثناء وجوده في مصر. وكان يريد في الأصل زيارة إسرائيل أيضًا في عطلة نهاية الأسبوع، ولكن ذلك لم يحدث. وقد وجد الوزير الألماني نفسه فجأة في موقف الممثّل الحكومي الغربي الوحيد الذي يزور المنطقة منذ بدء الهجمات.
ورافقت الوزير فاديفول في هذه الرحلة مراسلة DW، يوليا ساوديلي، ووصفت انطباعاتها بالقول: “من الصعب تصوّر أنَّ فاديفول لم يتفاجأ عندما تم إيقاظه في وقت مبكر من صباح الجمعة، بعد ساعات قليلة من وصوله إلى القاهرة. وذلك باتصال تلقاه من نظيره الإسرائيلي”.
ثم ذكر فاديفول أنَّه كان من أوائل الذين تم إبلاغهم بعد بدء الهجمات. تقول يوليا ساوديلي: “لقد كانت إشارة للشركاء في المنطقة أنَّ فاديفول قرّر البقاء في المنطقة بدل العودة مباشرة إلى برلين، على الرغم من إلغاء زياراته إلى لبنان والأردن وإسرائيل”.
وفي يوم الاثنين، توقف وزير الخارجية الألماني للتزود بالوقود في قبرص بعد وصوله من سلطة عُمان، ثم واصل السفر إلى برلين. وكان قد صرّح قبل ذلك بأنَّ إيران يجب أن تبتعد أخيرًا عن التسلح النووي. وحينئذ ستكون أيضًا المحادثات بين إسرائيل وإيران ممكنة: “عندما يحدث هذا الآن من الجانب الإيراني، فستكون هناك فرصة واقعية ويجب علينا استغلالها”.
لا توجد مشاركة ألمانية في الهجمات على إيران
وبالتالي لا تُسمع في صدد التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران أية نتقادات تقريبًا من الجانب الألماني لحكومة بنيامين نتنياهو. على عكس ما حدث خلال الأسابيع الماضية عندما كان يتعلق الأمر بالحرب في قطاع غزة، التي قال عنها المستشار ميرتس في نهاية أيار/مايو: “بصراحة، لم أعد أفهم ما يفعله الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، ولأي هدف”.
وفي نهاية الأسبوع، أراد الصحفيون في برلين معرفة ما إذا كانت ألمانيا قد ساعدت أصدقاءها الإسرائيليين بأي شكل من الأشكال في هجماتهم على إيران. حول ذلك قال ميرتس يوم الأحد إنَّ إسرائيل طلبت من ألمانيا فقط توفير مواد لإطفاء الحرائق.
وكذلك أكّد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) للقناة الألمانية الأولى (ARD) عدم وجود أية طلبات في هذا الاتجاه. وقال: “ولا أعرف أيضًا بأي شكل يجب علينا أو يجوز لنا أن نشارك بفعالية في هذا الصراع”.
أعده للعربية: رائد الباش
تحرير: عارف جابو
No Comment! Be the first one.