‘الدستورية’: إشراف الوزير على ‘الغرفة’ ليس تسلُّطاً ولا و…
رفضت 3 طعون على القانون 122 لسنة 2023 مؤكدة أن الهدف منه إخضاعها لرقابة الدولة
التشريع صدر لوضع تنظيم قانوني متكامل للغرفة بعد انقضاء أكثر من 60 عاماً على إنشائها
المُشرّع وازن بين حق المنتسبين إلى “الغرفة” في إدارتها وحق الدولة في الإشراف والرقابة عليها
النص على “إشراف الوزير على شؤون الغرفة” لا يتعارض مع ما تقرره المادة 130 من الدستور
القانون أعطاها حق إبداء رأيها في الخطط ذات الصلة بتنظيم القطاعات الاقتصادية المختلفة
لم يحظر عليها بنص صريح أو يفرض عقوبة إذا أبدت رأيها في نطاق اختصاصها
لا يجوز أن يفرض على أحد صمتاً بقوة القانون والنص المطعون فيه لم يتضمن حظراً
التنظيم الذي اختاره المُشرع جاء بعد دراسة القوانين المقارنة في الدول المجاورة
النصوص جاءت متسمة بالعمومية والتجريد يتساوى أمامها كل من يخضع لأحكامها
المواد لم تُقصِ أحداً أو تحرمه من حقه في الانتساب لـ”الغرفة” أو الترشيح لمجلس إدارتها
اللجنة الموقتة ضمان للتجرد والحيدة ولا تمثل اعتداء على إرادة الجمعية العامة أو مخالفة للدستور
تشكيل اللجنة وضع موقت لا ينبغي أن يستمر إلى غير حد ولا يجوز أن يستطيل أمده طويلاً
جابر الحمود
قضت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار عادل البحوه برفض ثلاثة طعون مباشرة ـ من رئيس واعضاء الجمعية العامة لغرفة التجارة ومديري شركات ـ بعدم دستورية القانون رقم (122) لسنة 2023 بشان غرفة التجارة والصناعة.
حجج الطاعنين
تعود الوقائع الى الطعون المقامة بعدم دستورية القانون رقم (122) لسنة 2023 في شأن غرفة تجارة وصناعة الكويت، وذلك بموجب صحيفة أودعت إدارة كتاب المحكمة بتاريخ 22 فبراير 2024، قولاً من الطاعنين بأن “القانون المطعون فيه قد صدر بعد أن أقره مجلس الأمة في جلسته المنعقدة في 28 نوفمبر 2023 في مداولتين في جلسة واحدة، ما كشف عن طابع الاستعجال وعدم التروي وهو ما أوقعه في حومة شبهات عدم الدستورية التي طالت نصوصاً جوهرية فيه، فضلاً عن الانحراف التشريعي الذي أصاب نصوصاً أخرى، توافرت للطاعنين المصلحة الشخصية المباشرة في إقامة طعنهم الماثل لما تضمنه القانون من تشكيل لجنة انتقالية تحل محل مجلس إدارة الغرفة الحالي الذي يمثله الطاعن الأول بصفته رئيساً له وباقي الطاعنين بصفتهم أعضاء فيه، ما يعد عزلاً لهم قبل انقضاء مدة عضويتهم في المجلس الذي انتخبوا فيه بالإرادة الحرة لأعضاء الجمعية العمومية وفقاً لأحكام القانون السابق لعام 1959”.
حيثيات الحكم
وقالت المحكمة الدستورية ـ في حيثيات حكمها ـ ان القانون المطعون فيه رقم (122) لسنة 2023 في شأن غرفة تجارة وصناعة الكويت قد صدر بقصد وضع تنظيم قانوني متكامل لهذه الغرفة بعد انقضاء أكثر كم 60 عاما على انشائها، ارتأى المشرع فيه اعتبارها مؤسسة لا تهدف إلى تحقيق الربح تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وأفرد القواعد التي تنظمها من حيث اختصاصاتها وتكوينها وكيفية إدارتها وأحكام جمعيتها العامة ومجلس إدارتها وأموالها، ونظراً لاتصال عملها واختصاصاتها بالنشاط الاقتصادي للدولة فقد عمل المشرع على الموازنة بين حق الأفراد المنتسبين إلى الغرفة في إدارتها، وحق الدولة في الإشراف والرقابة عليها للتحقق من سلامة أعمالها ونشاطها، والوقوف على مدى مطابقة هذه الأعمال وذلك النشاط للتشريعات والنظم المقررة في هذا الشأن، فأخضعها إلى إشراف الوزير المختص.
لا وصاية تحكمية
ورأت أن هذا الأمر يبين منه أن هذا الإشراف إنما قصد به تحقيق المصلحة العامة بإخضاع الغرفة لرقابة الدولة، ووضع تنظيم تشريعي جديد يتفق مع هذا الاتجاه، فإنه يكون واجباً حمل النصوص المتضمنة لذلك على قرينة الدستورية بتفسيرها بما لا يخل بالطبيعة القانونية للغرفة واستقلالها وكونها من أشخاص القانون الخاص، تدار بمعرفة جمعيتها العامة ومجلس إدارتها وفقاً لأحكام القانون، فلا يكون ذلك الإشراف تسلطا عليها أو تدخلاً في شؤونها بما يعوقها عن ممارسة نشاطها، ولا أن تفرض الدولة وصاية تحكمية عليها وتخضعها لتبعيتها أو أن تحل محلها فيما تصدره من قرارات، وإنما يكون تدخلها بالقدر الذي يمنع أي تجاوز منها رعاية لمصلحة المجتمع وحمايته، وفي حدود ما يقرره القانون وبالقدر الوارد بنصوصه دون أن يتجاوز ذلك.
لـ”الغرفة” حق إبداء الرأي
وعن النعي على نص البند (1) من المادة (7) من القانون بأنه يتعارض مع حرية الرأي المكفولة بالمادتين (36) و(37) من الدستور، بحرمان الغرفة من حقها في إبداء رأيها دون طلب من أحد، قالت المحكمة: إن مردود، ذلك أن النص المشار إليه جعل من مهام واختصاصات الغرفة أن تبدي رأيها الاستشاري في الخطط التنموية والسياسات والبرامج ذات الصلة بتنظيم وتنشيط القطاعات الاقتصادية المختلفة وتقديم الدراسات والمقترحات في الشؤون الاقتصادية متى طلب منها ذلك، بما مؤداه أنه قد وضع على عاتق الغرفة مهمة أساسية تدخل في نطاق اختصاصاتها بأن تبدي رأيها في الأمور سالفة البيان عندما يطلب منها ذلك كاختصاص أصيل لها، لكنه لم يمنعها من إبداء ما تراه من آراء في كل الأمور التي تتصل بنشاطها، فلم يحظر عليها ذلك بنص صريح أو يفرض عقوبة عليها إذا قامت به، بل إن النص لم يمنعها من مخاطبة السلطات العامة بما تراه من آراء متعلقة بنشاطها التزاماً بحكم المادة (45) من الدستور التي كفلت للأفراد والأشخاص المعنوية الحق في مخاطبة السلطات العامة، فضلاً عن المادة (36) منه التي جعلت لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، فلا يجوز أن يفرض على أحد صمتاً بقوة القانون، ومادام أن النص المطعون فيه لم يتضمن حظراً عليها في إبداء رأيها فإنه لا يكون فيه ما يتعارض مع حرية الرأي التي كفلها الدستور بالمادتين سالفتي البيان.
لا خروج عن الضوابط
وأضافت: إن الواضح من نصوص القانون المطعون فيه، ومن تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بخصوص مشروع القانون، أن التنظيم الذي اختاره المشرع لغرفة التجارة جاء بعد دراسة القوانين المقارنة في الدول المجاورة، لم يقص أحداً منها مادام قد توافرت فيه الشروط التي تطلبتها، فإنه لا يكون بذلك قد خرج عن الضوابط التي حددها الدستور ولا شأن للمحكمة بعد ذلك بما قد يعتري نصوص القانون من قصور أو مثالب ولا بما يترتب على تطبيقه من آثار لانحسار ذلك عن رقابتها، وأنها لا تتجاوز وظيفتها القضائية بمعاييرها وضوابطها إلى وظيفة التشريع.
وأوضحت المحكمة أنه لا يغير مما تقدم النعي على ما تضمنته المادة (38) من القانون من تشكيل لجنة انتقالية برئاسة الوزير أو من يفوضه تتولى أعمال مجلس الإدارة لحين انتخاب مجلس إدارة جديد، بما يعد عزلاً لمجلس الإدارة القائم قبل انتهاء مدته ودون إرادة الجمعية العامة، ذلك أن تشكيل لجنة مؤقتة تتولى إدارة الغرفة حتى يتم انتخاب مجلس إدارة جديد يمثل الجمعية العامة، وتشرف على إجراء هذه الانتخابات ضماناً للتجرد والحيدة، لا يمثل اعتداء على إرادة الجمعية العامة أو مخالفة لأحكام الدستور، باعتبار أن تشكيل هذه اللجنة الانتقالية وضع مؤقت بطبيعته لا ينبغي أن يستمر إلى غير حد، ولا يجوز أن يستطيل أمده طويلاً.
وأشارت الى أن النص في المادة (39) من القانون بحلول الغرفة المنشأة بموجب أحكامه محل الغرفة القائمة في كل الأصول والحقوق والالتزامات المادية والمعنوية، جاء أمراً منطقياً مترتباً على ما سلف من أحكام، وحتى يتسنى للغرفة الاستمرار في أداء دورها دون انقطاع.
وخلصت المحكمة الى القول: متى كان ما تقدم، فإن المطاعن جميعها الموجهة إلى نصوص القانون المطعون فيه بعدم الدستورية تضحى قائمة على غير أساس سديد، بما يتعين معه القضاء برفض الطعن.
إشراف الوزير على شؤون “الغرفة” لا يتعارض مع المادة 130 من الدستور
أكدت المحكمة أن النص على “إشراف الوزير على شؤون الغرفة لا يتعارض مع ما تقرره المادة (130) مـــن الدستور”، مـن أن الوزير يتولى الإشراف على شــؤون وزارته، ذلك أن اختــصاصــات الوزير وإن كانت يسـتمـدها في الأصل من المرسوم المتعلق بتنظيم وزارته وتحديد اختــصاصاتها، إلا أنه ليس هناك ما يمنع من أن يسند إليه المشرع اختصاصات أخرى لم تكن داخلة أصلاً في الأعمال الأساسية لوزارته للاضطلاع بها، فتكون له سلطة مباشرتها في حدود الصلاحيات والاختصاصات التي منحها له المشرع دون أن يعد ذلك إخلالاً بالمادة (130) من الدستور سالفة البيان.
“المحكمة”: رقابتنا الدستورية لا تستطيل إلى البحث والتنقيب عن نوايا وبواعث المُشرّع
حول القول بأن إصدار المشرع لهذا القانون لم يقصد به تحقيق المصلحة العامة وإنما هدم كيان الغرفة القائمة وأنه يمثل بذلك انحرافاً تشريعياً، مستدلاً على ذلك بعبارات صدرت عن بعض أعضاء مجلس الأمة في ذلك الوقت، قالت المحكمة: إن الوجه من النعي مردود بما هو مقرر في قضاء المحكمة من أن رقابتها القضائية على دستورية التشريعات هي رقابة ذات طابع قانوني مجرد تقتصر على المسائل الدستورية، وينحصر مجالها في التحقق من مطابقة أو عدم مطابقة التشريع لنص في الدستور دون تجاوز لظاهر التشريع، ولا تمتد هذه الرقابة إلى البحث عن مدى ملاءمة التشريع أو عدم ملاءمته التي تعتبر من أخص مظاهر السلطة التقديرية للمشرع، كما لا تستطيل تلك الرقابة إلى البحث والتنقيب عن النوايا والبواعث التي عساها أن تكون قد دفعت السلطة التشريعية إلى إقراره بالصيغة التي صدر بها.
دفوع الطاعنين
القانون صدر في مداولتين خلال جلسة واحدة
اتسم صدوره بطابع الاستعجال وعدم التروي
الانحراف التشريعي
اللجنة الانتقالية تعد عزلاً لأعضاء انتخبوا بالإرادة الحرة
No Comment! Be the first one.