ألمانيا… صدى دخول قانون تغيير الجنس والاسم حيز التنفيذ – DW – 2024/11/15
جدول المحتويات
- هل من الممكن اساءة استخدام القانون لاستغلال النساء جنسياً؟
- “حلم كان بعيد المنال” أصبح اليوم ممكناً
- كيف تتعامل متحولة جنسيا مع خطاب الكراهية
- إجراءات أكثر تعقيداً في معظم الدول العربية
- التحول الجنسي – حديث مع أخصائي
- التحوّل من التعقيد إلى التسهيل في القانون الألماني
- ألمانيا.. قانون الهوية الجنسية يمنح استقلالية اختيارالجنس
بعد دخول قانون تغيير الجنس والاسم الأول حيّز التنفيذ في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني في ألمانيا، تباينت الآراء حوله في بين داعم ورافض، والتباين شمل أيضاً الجالية العربية.
رصدت DW عربية آراء بعض الأشخاص من الجالية العربية في ألمانيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وركّزت الانتقادات في الغالب على البند الخاص بتغيير الجنس والاسم للأطفال، وشكك البعض بإمكانية اتخاذ مثل هذا القرار في عمر صغير، ومع ذلك لاقى القانون ترحيباً من بعض أفراد الجالية العربية الذين اعتبروه جزءاً لا يتجزأ من سعي ألمانيا لمنح الأفراد حريتهم في العيش وتقرير المصير واحترام كرامتهم.
وبهذا الصدد قال باسل عيسى، باحث اجتماعي لـ DW عربية: “أرى أن القانون إيجابي بالعموم؛ لأنه يفتح الباب للكثير من الأشخاص الذين لديهم هوية جنسية مخالفة لجنسهم عند الولادة لتغيير جنسهم في الوثائق الرسمية بسهولة، كما أن آخرون قد يكون لديهم مشكلة مع أسمائهم، وأصبح بإمكانهم الآن تغييرها دون تعقيدات”.
هل من الممكن اساءة استخدام القانون لاستغلال النساء جنسياً؟
طرح بعض منتقدي هذا القانون احتمال استغلاله وإساءة استخدامه، كأن يستغله بعض الرجال من أجل الدخول إلى الأماكن المخصصة للنساء كالنوادي الرياضية والمسابح. وبهذا الخصوص استبعد عيسى فكرة أن يستفيد أشخاص ليس لديهم اضطراب في الهوية الجنسية من هذا القانون، ويعتقد أنه يستهدف فئة محددة جداً من الأشخاص. وقال: “أرى أنه من غير المنطقي أن يُقدِم أشخاص هويتهم الجنسية مطابقة لجنسهم عند الولادة على تغيير جنسهم في الوثائق الرسمية. وقد يتم استغلال هذا القانون في حالات نادرة جداً، ولكنه لا يتعدى الاستخدام الخاطئ الذي يمكن أن يحدث مع أي قانون آخر”.
وأضاف عيسى: “لابدّ أن تواجه بعض الأسر العربية المحافظة تحديّات في ظل هذا القانون، خصوصاً عندما يتم مناقشته من جانب ديني، مما قد يعقّد عملية الاندماج، ولكنّ لا بدّ من احترام القانون الألماني الذي يضمن حق تقرير المصير لكافة المواطنين والمقيمين”.
“حلم كان بعيد المنال” أصبح اليوم ممكناً
“سيكون من الرائع أن يصدر قانون تقرير المصير، وبمجرّد صدوره، سأذهب إلى أقرب مكتب أحوال مدنية وأغير إدخال جنسي واسمي الأول على الفور، وعندئذ سيمكنني أن أحصل على الاسم الذي أرغب به والجنس الذي أشعر أنني أنتمي له دون أن أقدم أي تنازلات”. هذا ما قاله إليكا، غير ثنائي الجنس، 24 عاماً في دراسة أجراها باحثون في معهد الشباب الألماني بعنوان “بين التحديد الذاتي والخارجي- حول الوضع المعيشي للمراهقين والشباب المتحولين وغير ثنائيي الجنس في ألمانيا”.
احتلّ موضوع الانتقال الاجتماعي من ذكر إلى أنثى أو العكس الجانب لأكبر والأهم من تجارب الشباب والمراهقين المتحوّلين جنسياً وغير ثنائيي الجنس المشاركين في الاستطلاع، فهذا القرار هو الأصعب والأكثر أهمية بالنسبة لهم، ولكن كانت الإجراءات القانونية مثل إدخال الجنس وتغيير الاسم في السجلات المدنية قضايا مهمة أيضاً بالنسبة لهم، شكّلت أمامهم عقبات وتحديات عديدة.
شارك ليون، رجل متحوّل، 25 عاماً تجربته وصرّح أنّه اضطر إلى دفع 1500 يورو، بالإضافة إلى زيارة أحد عشر خبيراً؛ لأنه كان قاصراً عندما اتخذ قرار تغيير جنسه، وأبلغ مشاركون آخرون في الدراسة أنه قد طُرحَ عليهم أسئلة حميمية وخاصة جداً من قبل الخبراء النفسيين والقانونيين حتى تمكنوا من تغيير إدخال جنسهم وأسمائهم الأولى في السجلات المدنية.
يرى الأشخاص المتحوّلون وثنائيو الجنس أن تعقيد إجراءات تغيير الجنس والاسم في وثائقهم الرسمية يعرّضهم للتمييز، فتُخبر أنالينا، امرأة متحوّلة، 27 عاماً مشاركة في الدراسة أنها تتعرض للتمييز والإحراج دوماً عندما تضطر إلى إظهار بطاقتها الجامعية في الحافلة أو في الأماكن العامة، وتقول: “أصاب بالإحراج عندما أطلب استعارة الكتب من مكتبة الجامعة ويقول لي موظفو المكتبة “هذا ليس أنت”.
وتبيّن الدراسة أيضاً أن المشاركين في الاستطلاع قد أكدوا أنهم لم يتّخذوا قرار تغيير الجنس بسرعة أو باستخفاف، وإنما أتى ذلك بعد مرحلة طويلة من التفكير، والتأمل الذاتي، والمواجهة مع اضطراب الهوية الجنسية والاحتياجات الشخصية والتوقعات المجتمعية، بالإضافة إلى السعي المستمر للحصول على الدعم النفسي قبل اتخاذ هذه الخطوة.
إجراءات أكثر تعقيداً في معظم الدول العربية
يمكن في معظم الدول العربية إجراء عملية تصحيح الجنس التي تتيح للشخص الذي تختلف خصائصه الفسيولوجية والجسدية عن ملامحه الجسدية الجنسية، أو الذي يكون انتماؤه الجنسي غامض، فلا يُعرف فيما إذا كان ذكراً أو أنثى، أو الشخص الذي اجتمعت في أعضائه علامات الذكورة والأنوثة. أما عملية تغيير الجنس التي تغير خصائص الشخص الجنسية والجسدية بحيث يتم تحويله من ذكر إلى أنثى أو العكس، غير واردة ولا يمكن إجراؤها في الدول العربية.
واستعرضت دراسة بعنوان “إشكالية تحويل الجنس في القانون القطري والقانون المقارن” من تأليف الباحثين ريمه صالح المانع، وجابر محجوب علي محجوب، وطارق جمعة السيد راشد، بعض الدول العربية التي تنظّمت تصحيح الجنس، ومن ضمنها دولة الإمارات العربية المتحدة، عام 2016، والعراق في عام 2002، وتنص قوانين الدول التي نظمت عمليات تصحيح الجنس على تشكيل لجنة متخصصة بدراسة طلبات تصحيح الجنس قبل إجراء العملية، بالإضافة إلى تقديم تقرير طبي يُثبت ضرورة ذلك، ومن ثم يمكن تغيير الاسم والجنس في السجلات المدنية.
وأفادت دراسة أجراها الدكتور فواز صالح بعنوان “جراحة الخنوثة وتغيير الجنس في القانون السوري” أن قانون الأحوال المدنية السوري لا يسمح بتغيير اسم العلم إلا في حال وجود خطأ فيه، وبالتالي يعدّ هذا الإجراء تصحيحاً للاسم وليس تغييراً له. كما لا توجد أحكام خاصة تتعلق بتغيير الجنس، ولكن تفرض هذه المسألة نفسها في حالة الخنثى.
وفيما يخص الشخص المتحوّل جنسياً أو “الخنثى” كما يسمى في قانون الأحوال المدنية السوري، يمكن رفع دعوى قضائية للمطالبة بتغيير جنسه واسمه بما يتوافق مع وضعه الجديد بعد إجراء عملية التصحيح الجنسي التي تتم الموافقة عليها بعد فحص سريري وتحاليل طبية تثبت الحاجة لها.
التحوّل من التعقيد إلى التسهيل في القانون الألماني
تم تنظيم هذه المسألة في القانون الألماني منذ عام 1981، من خلال قانون التحوّل الجنسي الذي ينص على أنه يمكن تغيير الجنس شريطة أن يتم تعقيم الأشخاص المتحوّلين، وتقديم طلب طلاق في حال كان الشخص الذي ينوي تغيير جنسه متزوجاً، ولكن تم إلغاء شرط الطلاق في عام 2008، وشرط التعقيم في عام 2011.
أما فيما يخص تغيير الحالة المدنية للجنس والاسم، يجب أن يرفع الشخص المعني طلباً إلى محكمة البداية، ولا يُشترط خضوعه لعملية تغيير جنس جراحية، ولكن يجب تقديم تقريرين طبيين نفسيين من طبيبين مستقلين يثبتان أن هويته الجندرية لا تتوافق مع جنسه المسجّل عند الولادة، إلى جانب خضوعه لمجموعة من الأسئلة الحميمية من قبل المختصين والقضاء.
سيحل القانون الجديد محل قانون التحول الجنسي السابق، وبالتالي أصبح يمكن للبالغين تغيير جنسهم وأسمائهم الأولى عن طريق تقديم طلب إلى مكتب الأحوال المدنية، ويجب الإبلاغ عن رغبة الشخص بتغيير اسمه وجنسه قبل ثلاثة أشهر من تاريخ الإعلان عن صدور الاسم والجنس الجديدين، ووضعت هذه المدة ليتمكن مقدِّم الطلب من التفكير قبل اتخاذ القرار النهائي.
أما بالنسبة للقاصرين حتى سن 14 عاماً، فيمكن للأهل أو الأوصياء القانونيين فقط تقديم طلب التغيير إلى مكتب الأحوال المدنية، شريطة حضور القاصر. أما للقاصرين من سن 16 عاماً وما فوق، فيمكنهم تقديم الطلب بأنفسهم شريطة موافقة الأهل أو الوصي القانوني، وبمجرد تغيير إدخال الجنس والاسم الأول، تنطبق فترة حظر على التغيير مرة أخرى لمدة عام كامل.
ميراي الجراح
No Comment! Be the first one.