
وقفة جديدة مع المادة الثامنة من قانون الجنسية
استعرض استاذنا الدكتور حسن الهداوي، استاذ القانون الدولي الخاص وتنازع القوانين بجامعتي بغداد والكويت، في دراسة خاصة بمجلة كلية الحقوق والشريعة في جامعة الكويت، بالعدد الثاني، السنة الاولى – يونيو 1977 من المجلة.
وقد تصدر العدد بكلمات تأبين لاستاذنا الدكتور عبدالحي حجازي، مؤسس كلية الحقوق والشريعة بجامعة الكويت، واول عميد لها، كتبها استاذنا الدكتورعبدالوهاب حومد، واستاذنا الدكتور عزيز شكري من سورية الشقيقة، وكان الدكتور حومد وزيرا للعدل في سورية في ستينيات القرن الماضي.
وتتلخص دراسة الدكتور الهداوي، بالبحث في اكتساب الاجنبية جنسية زوجها في التشريعات العربية. وتكشف عن تشابه الى حد كبير، يقترب من التطابق، بين نص المادة الثامنة في قانون الجنسية الكويتي وبين قوانين بعض البلاد العربية، في شأن الزوجة الاجنبية المتزوجة من وطني.
وقد ذهب بعض الفقهاء الى الاخذ بمبدأ وحدة الجنسية في العائلة الواحدة، وبمقتضاه تدخل الاجنبية في جنسية زوجها الوطني بقوة القانون، وبمجرد الزواج، ولا حاجة الى اتخاذ اي اجراء شكلي، كتقديم طلب او ضرورة الاقامة، او الحصول على موافقة السلطة.
ويهدف انصار هذا المبدأ الى تحقيق الوفاق والتجانس بين افراد العائلة الواحدة، في الدولة التي تتخذ من الجنسية ضابطاً للاسناد في مسائل الاحوال الشخصية لقانون واحد.
وكانت المادة الثامنة عند اصدارها بالقانون رقم 15 في ديسمبر 1959، تنحو هذا الاتجاه.
وتقرر المذكرة الإيضاحية التي كتبها استاذنا الدكتور السنهوري، رحمه الله، في معرض تعليقه على القانون الذي صاغ نصوصه والمادة الثامنة تخصيصا، “…بقيت الجنسية بمجرد الزواج، وهذه تكسبها المرأة الاجنبية إذا تزوجت من كويتي، فإنها تصبح كويتية بمجرد الزواج. وبشرط ان يكون الزواج صحيحاً بحسب أحكام القانون الكويتي…ولا تفقد الجنسية الكويتية الا اذا استردت جنسيتها الاصلية، او كسبت جنسية اخرى”.
وقد لحقت بهذه المادة العديد من التعديلات كشرط استمرار الزوجية مدة معينة، وموافقة وزير الداخلية واضيف اخيرا شرط الاسلام! الا ان هذه المادة تعرضت اخيراً الى هزة، اقتلعت جذورها وخلفت آثاراً اجتماعية لا تزال على الالاف من الاسر والعائلات حصلن عليها، وفق القانون القائم وقتئذ! وجرى التوجيه بمعاملتهن معاملة الكويتيين في الوظائف العامة والمعاش التقاعدي، وغيرها، ولا يكفي قرار بالمعاملة بالمثل من دون قانون ينظم هذه العلاقة!
ويذهب البعض الاخر من الفقه، الى التمسك بمبدأ استقلال المرأة في جنسيتها، وعدم اخضاع جنسيتها لروابط الزواج. ووجهة نظرهم الى فكرة المساواة. وقد مر تشريع الجنسية في بعض الدول بتطور ملموس، وفق ما تقتضيه ظروف كل دولة ومصالحها.
ونعرض الى بعض قوانين الدول العربية في شأن جنسية المراة الاجنبية، علما انه قد مضى عليها وقت طويل، قد تكون تعرضت للتعديل، وفق الظرف الامني والسياسي والاجتماعي. فالبحرين في الفقرة الاولى من المادة السابعة من قانون الجنسية البحريني عام 1963 ادخل الزوجة الاجنبية بمجرد زواجها من بحريني في الجنسية البحرينية.
وكذلك العراق بالقانون رقم 42 لسنة 1924، وطرأت عليه تعديلات كشرط موافقة وزير الداخلية، وكذلك الوضع في القانون السوري لعام 1925، وعدّل النص الى موافقة الجهات المختصة.
وفي مصر اخذ بمبدأ وحدة العائلة في قانون 1926، ثم عدّل في عام 1950، بشرط موافقة وزير الداخلية. وقد نحا القانون الاردني واللبناني منحى القانون الكويتي. وقد اجاز القانون العماني الجديد منح الجنسية العمانية للمواطن ضمن ضوابط. وكذلك السعودي والاماراتي.
ويلاحظ ان شرط دخول المرأة الاجنبية في جنسية زوجها، توافر خمسة شروط هي الزواج، وارادة الزوجة، واستمرار العلاقة الزوجية، وموافقة الجهات المختصة والاقامة.
اما القانون الفرنسي فيشترط اجادة اللغة الفرنسية للتجنس.
ويحدونا الامل من المشرع الكويتي ان يعيد النظر في اعادة المادة الثامنة الى مسطرة القانون ضمن ضوابط معينة.
والله ولي التوفيق.
مستشار قانوني
No Comment! Be the first one.