يواجه القانون الدولي تحديات هائلة في الوقت الحاضر، خاصة فيما يتعلق بالصراعات المستمرة في الشمال والجنوب، الحروب بين روسيا وأوكرانيا، وإسرائيل وفلسطين، والإبادة الجماعية المستمرة ضد الروهينغا في ميانمار، هذا بالإضافة إلى الوضع في السودان، لقد فقد الكثيرون الثقة بالمؤسسات الدولية والقانون الدولي بسبب فشلهم في معالجة الصراعات المذكورة أعلاه، وعدم قدرتهم على الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، كما تظهر الصراعات المذكورة عدم المساواة في النظام العالمي.

لقد فشل القانون الدولي والأمم المتحدة بشكل بائس في التزامهما بمعالجة الصراعات الحالية في جميع أنحاء العالم، سواء كانت في نزاع مسلح دولي أو نزاع مسلح غير دولي، مثلما يحدث في السودان وغزة وأوكرانيا. ومع ذلك، لا يزال الأمل قائما ولا يزال في الأفق، حيث تنظر محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية الآن في تلك القضايا، فقضية غامبيا ضد ميانمار مثلا، والتي تتعلق بالإبادة الجماعية التي تتعرض لها أقلية الروهينغا والتي تنظرها محكمة العدل الدولية، وفي السياق نفسه تنظر المحكمة الجنائية الدولية فيما يحدث لأقلية الروهينغا على أنه جريمة ضد الإنسانية، وعليه فلا يسع المرء إلا أن يأمل أن تسود العدالة وأن تتحقق.إن القانون الدولي والمعايير المزدوجة التي نشهدها غير مسبوقة، إذ إننا أمام صراعين منفصلين وتُرتكب فيهما نفس الجرائم. يُنظر إلى أحدهما على أنه جريمة ويُنظر إلى الآخر على أنه دفاع عن النفس. إن الأمم المتحدة بحاجة إلى أن تؤدي دوراً وتمارس التزامها بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين كما ورد في ميثاقها، ولكن هذا ليس هو الحال في بعض الصراعات، حيث نجحت الأمم المتحدة في وظيفتها، وكان هناك تدخل وتصد لبعض هذه الصراعات ولكن للأسف في صراعات أخرى لم يكن هناك سوى الإدانة، وفشل المجتمع الدولي والقانون الدولي في التصدي لذلك، ولعل المشكلة الرئيسية التي تواجه المجتمع الدولي هي المعايير المزدوجة، والآن أصبح الأمر في أيدي محكمة العدل الدولية لمعالجة المعايير المزدوجة والتصدي لها، وسوف تؤدي محكمة العدل الدولية دوراً محورياً في معالجة قضيتين مهمتين تنظر فيهما، هما قضيتا أوكرانيا ضد روسيا وجنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وهما القضيتان اللتان طال انتظارهما، إضافة إلى قضية غامبيا ضد ميانمار، وتدور هذه القضايا في نفس الفلك، فجميعها تتعلق بمخالفة اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية، وكل هذا ونحن نحتفل قريبا بمرور 80 عاما على إنشاء محكمة العدل الدولية، فقد أدت المحكمة دورا رئيسيا وعلى مدى هذه السنوات في وضع القواعد القانونية والدفاع عن العدالة، فهل تنجح المحكمة فيما فشلت به الأمم المتحدة؟

* كلية الحقوق – قسم القانون الدولي