
إقليم كردستان ينتظر إقرار قانون النفط والغاز… ما علاقة إيران وتركيا؟
بينما تتوقع الأوساط السياسية والاقتصادية في العراق وإقليم كردستان موافقة تركيا على إعادة تصدير نفط الإقليم خلال أيام قليلة، تتوجّه الأنظار نحو البرلمان العراقي لإقرار “قانون النفط والغاز”، المنتظر منذ سنوات كثيرة، وهو محل خلاف شديد بين الحكومة الاتحادية ونظيرتها في أربيل.
وكانت الحكومة العراقية الحالية قد تشكلت في أواخر عام 2022 بحسب اتفاق سياسي موقع مع القوى في إقليم كردستان، يتضمّن بنداً تتعهّد فيه الحكومة تقديم قانون متوافق عليه للنفط والغاز إلى البرلمان خلال ستة أشهر “على الأكثر”. لكن الحكومة لم تبذل جهوداً واضحة في ذلك الإطار، وإن أعدت مسوّدة أولية وأرسلتها إلى البرلمان، لكن من دون متابعة حقيقية من الأحزاب السياسية المشكلة لتحالف “إدارة الدولة” الداعم للحكومة. وقد توقفت الجهود نهائياً تقريباً بعد توقف تصدير نفط إقليم كردستان في شهر آذار/مارس 2023.
وأكد نائب رئيس لجنة النفط والغاز النيابية عدنان الجابري ضرورة إقرار القانون في أسرع وقت، لأنه “سينظم إدارة الثروة النفطية والغازية في العراق، وضمان حقوق الإقليم والمحافظات المنتجة، فضلاً عن وضع استراتيجية واضحة لاستثمار هذه الموارد على المدى البعيد. وسيسهم في حماية الثروة النفطية من الاجتهادات والتفسيرات المختلفة، سواء في إقليم كردستان أو في المحافظات المنتجة، كما سيعمل على حلّ الخلافات القائمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، إلى جانب ضبط العلاقة بين المحافظات المنتجة والمركز”.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد شدّد خلال آخر اجتماع حكومي على “حاجة العراق إلى تشريع قانون النفط والغاز، للاستفادة من هذه الثروة الطبيعية، القانون جزء من التزام المنهاج الوزاري. وسندعو إقليم كردستان ومحافظي المحافظات المنتجة للنفط، البصرة وميسان وكركوك وذي قار والمديرين العامين للشركات النفطية الحكومية إلى الحوارات الفنية الجارية بخصوص القانون”.
وتعتقد القوى السياسية في إقليم كردستان بأن القانون يجب أن يستند إلى المادة 112من الدستور العراقي التي تنص على ضرورة تنظيم قطاع النفط والغاز عبر قانون خاص، يفرض على الحكومة الاتحادية إقرار سياسة مشتركة بينها وبين الأقاليم والمحافظات المنتجة للنفط والغاز بحيث “تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار”.
لكن مسوّدات متتالية قُدمت إلى البرلمان العراقي منذ عام 2005، لم تحصل على توافق سياسي، بسبب اعتراض إقليم كردستان على المضمون المركزي فيها جميعاً، مذكّراً على الدوام بمضامين الدستور العراقي الذي يمنح الإقليم حق الاستثمار في الحقول المستكشفة ضمن أراضيه.
الكاتب والباحث السياسي رضوان ميراني شرح في حديث إلى “النهار” ما سمّاه “البعد الإقليمي” المانع لإقرار مثل ذلك القانون، وقال: “الدولتان الإقليميتان الرئيسيتان المحيطتان بالعراق، تركيا وإيران، تعرفان أن أي تشريعات سياسية أو اقتصادية تزيد من قدرة إقليم كردستان على تطوير بنيته التنموية ووضعه القانوني تتعارض مع أمنهما القومي كدولتين تضمّان مسائل كردية، ولا تريدان للتجربة الكردية في العراق أن تتطور. فقانون النفط والغاز، إذا أُقر بحسب مضامين الدستور العراقي، فسيدخل الإقليم لاعباً في سوق النفط العالمية وفي علاقات مع الشركات العالمية، وذلك سيمنحه مزيداً من النفوذ. ومن دون شك، تستجيب القوى السياسية العراقية لفروض وخيارات الدولتين المجاورتين، وتتمهّل في إقرار هذا القانون”.
ولا توجد تقديرات دقيقة لاحتياطات إقليم كردستان من النفط والغاز، لكن حكومة الإقليم تقول منذ عام 2013 إن احتياطاتها تتجاوز 45 مليار برميل من مجموع الاحتياطات العراقية، حوالى 50 في المئة منها في محافظة دهوك، وقرابة 40 في المئة في محافظة أربيل، والباقي في محافظة السليمانية. لكن الأخيرة شهدت خلال السنوات الماضية اكتشافات كبيرة.
No Comment! Be the first one.