
مشروع قانون يثير جدلاً في تونس… هل يُعفى عن المطلوبين بقضايا الطلاق والنفقة؟
عاد الجدل في تونس حول قانون الطلاق والنفقة بعد أن تقدّم عدد من النواب بمشروع قانون من أجل إقرار عفو عام عن المطلوبين في قضايا النفقة والطلاق لاقى معارضةً حقوقيةً نسويةً واسعة.
وكشفت الكتلة الوطنية المستقلة في البرلمان التونسي، عن إيداع مشروع قانون يتعلق بعفو عام عن المُطالبين بديون ترتبت على أحكام النفقة وجراية الطلاق.
ويعتبر القانون التونسي التأخر عن سداد النفقة التي تحددها المحكمة جريمة، إذ يعاقب بالسجن لمدّة تراوح بين ثلاثة أشهر وعام وبغرامة من مئة دينار إلى ألف دينار “كلّ من حكم عليه بالنفقة أو بجراية الطلاق فقضى عمداً شهراً من دون دفع ما حكم عليه بأدائه”.
أعداد كبيرة
ويلاحق نحو 256 ألف تونسي في قضايا نفقة وفق النواب الذين تقدموا بالمشروع، بينما يُعتبر نحو نصف مليون تونسي مهددين بالسجن بسببها.
وتعرف تونس زيادة كبيرة في عدد قضايا الطلاق. ووفق آخر الإحصائيات الرسمي بلغ عددها عام 2021 أكثر من 12 ألف قضية بمعدل 14 حالة يومياً.
ويأتي الملاحقون في قضايا النفقة في صدارة الملاحقين قضائياً في تونس، وقال المشرعون الذين تقدموا بهذه المبادرة إن هذه الأرقام كانت وراء تفكيرهم في طرح هذا القانون.
قانون متآكل
ويقول الصحافي البرلماني سرحان الشيخاوي إن نص مشروع القانون استوفى كل الشروط القانونية من ناحية الشكل لتمريره بعد جمع التوقيعات اللازمة.
ويوضح أنه يتضمّن 3 بنود فقط، ورغم أنه جاء مقتضباً، استهدف المشروع مراجعة الإطار التشريعي المتعلق بقضايا الطلاق والنفقة في تونس.
ويزيد أن هذا المشروع يأتي بعد أيام من جلسة للحكومة طرحت فيه الملف نفسه وإمكان مراجعة الإطار القانوني المتعلق بمسألة النفقة “وهو ما يكشف أن هناك إجماعاً على الحاجة لتعديل هذا النص القانوني المتآكل الذي دائماً ما كان محلّ جدال كبير وتسبّب بالكثير من المآسي”، وفق تعبيره.
ويوضح أن النواب الذين تقدموا بهذا المشروع أكدوا أن دوافعهم إنسانية واجتماعية.
ولا يتوقع الشيخاوي أن يتم تمرير هذا القانون، موضحاً: “وحدها مشاريع القوانين التي تتقدم بها السلطة التنفيذية تجد طريقها إلى المصادقة”.
ونهاية الشهر الماضي أوصت الحكومة التونسية بضرورة إحداث نظام جديد للنفقة وجراية الطلاق يتضمّن ضبط شروط الاستحقاق وإجراءات تدخّل صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق، ويهدف النظام إلى تمكين المرأة المطلقة وأبنائها من الانتفاع بنظام التغطية الاجتماعية والإدماج الاقتصادي لهذه الفئة.
جدل قديم متجدّد
والجدل حول مسألة النفقة في تونس ليس وليد اللحظة، إذ يعتبر البعض أن المرأة تستعمل هذا القانون لابتزاز الرجل والضغط عليه بعد الطلاق، لكن في المقابل يشتكي عدد كبير من التونسيات من تهرب الطليق من الإيفاء بالتزاماته المادية تجاه أطفاله بعد الطلاق طوعاً ما يدفعهن إلى التوجّه نحو القضاء مجدداً من أجل استصدار أحكام بتسديدها.
وتنتقد عضو “جمعية النساء الديموقراطيات” نجاة العرعاري في تصريح إلى “النهار” هذه المبادرة القانونية، متسائلة عن البديل الذي يقدمه أصحابها في حال عدم إيفاء الزوج بالتزاماته المادية تجاه أبنائه بعد الطلاق، مشددة على أن هناك خلطاً كبيراً لدى عموم التونسيين في ما يتعلق بمسألة النفقة التي هي مبلغ مالي تحكم به المحكمة لفائدة الأبناء وليس لفائدة الزوجة وتقدّر قيمته بناءً على وضعية الزوج المالية”.
وتشير العرعاري، وهي أستاذة جامعية في علم الاجتماع، إلى أن ارتفاع عدد الملاحقين في قضايا النفقة سببه وضعياتهم الهشة، مؤكدة أن “الهشاشة تخلف هشاشة حتى عند الطلاق وأن الحل ليس بالعفو عن المطالبين بخلاص نفقة أبنائهم، بل في التفكير في بدائل أخرى”.
ورغم أن السلطات أنشأت سابقاً صندوقاً للنفقة كبديل يقدم المساعدة للنساء اللواتي لا يحصلن على نفقة أبنائهن، حالت الأزمة المالية التي تمرّ بها كل الصناديق الاجتماعية في تونس دون قيامه بدوره.
No Comment! Be the first one.