
مصر تعزز «استيعابها للاجئين» في مشروع قانون العمل
عززت الحكومة المصرية من توجهها لـ«استيعاب اللاجئين»، وذلك ضمن مشروع قانون العمل الجديد، الذي تجري مناقشته داخل مجلس النواب (البرلمان)، حين رفضت تقييد نسبة عمل الأجانب داخل المؤسسات المختلفة.
ويجري مجلس النواب المصري، منذ نهاية الشهر الماضي، مناقشة مشروع قانون العمل الجديد تفصيلياً، بعد الموافقة عليه من حيث المبدأ، تمهيداً لإقراره بشكل نهائي.
وخلال جلسة الأحد، اقترح رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي، إيهاب منصور، وضع حد أقصى لعمل الأجانب داخل المنشأة، بما لا يزيد عن 10 في المائة، معرباً عن قلقه من «زيادة البطالة في المجتمع المصري بسبب الأجانب»، وهو ما رفضه ممثل الحكومة الوزير محمود فوزي، قائلاً: «لا نريد إيصال رسالة سلبية للمجتمع الدولي، لا سيما أن مصر دولة ترحب بالجميع».
وأرجع منصور مقترحه إلى استقبال مصر ملايين اللاجئين والمهاجرين جراء التوترات الإقليمية والسياسية في دول الجوار، معرباً عن تخوفه من «إقبال رعايا تلك الدول على العمل في السوق المصرية مقابل أجر أقل من الحد الأدنى للأجور، ما يؤدي بدوره إلى بطالة في سوق العمل المصرية».
وتواجه مصر تدفقات مستمرة من مهاجرين اضطروا إلى ترك بلادهم؛ بسبب الصراعات، خصوصاً من دول الجوار العربي والأفريقي، منها سوريا، واليمن، والسودان وفلسطين. وتقدّر بيانات مصرية رسمية أعداد الأجانب الموجودين في البلاد بأكثر من 9 ملايين من 133 دولة، ما بين لاجئ وطالب لجوء ومهاجر ومقيم، يمثلون 8.7 في المائة من تعداد السكان الذي تجاوز 107 ملايين نسمة.
في وقت تسجل مصر معدل بطالة 6.4 في المائة، وفق آخر إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء خلال الربع الأخير من عام 2024.
ونظم مشروع «قانون العمل» الجديد عمل الأجانب في فصل خاص؛ نص على أن يخضع لأحكامه الأجانب العاملون في «عمل تابع أو حر أو لحساب النفس أو العمل في أي مهنة أو صنعة أو حرفة بما في ذلك العمل في الخدمة المنزلية».
ووفق المادة «70» من المشروع يُحدد الوزير المختص النسبة القصوى لتشغيل الأجانب في المنشآت والجهات، وحالات الاستثناء من تلك النسبة، والمهن والحروف التي يحظر على الأجانب الاشتغال بها، كما يجوز للوزير المختص إعفاء الأجانب من شرط المعاملة بالمثل.
وقال وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المصري، المستشار محمود فوزي، خلال الجلسة: «لا نريد إيصال رسالة سلبية للمجتمع الدولي، لا سيما وأن مصر دولة ترحب بالجميع».
وعدَّ المستشار فوزي فرض قيود إضافية على المادة 70 بتحديد نسبة ثابتة، قد يكون «غير مجدٍ»، كما أنه «قد يبعث برسالة سلبية». وأضاف: «الدولة المصرية ترحب بالجميع، وسبق أن أصدرت قانوناً لتنظيم لجوء الأجانب، مما يعكس قدرتها على إدارة وتنظيم العمالة الأجنبية بكفاءة».
وأصدرت مصر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي قانوناً ينظم أوضاع اللاجئين، نص على «إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين»، لا سيما للفصل في طلبات اللجوء، وتقديم الدعم والخدمات والرعاية لهم، والتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأثار ازدياد أعداد الأجانب في مصر انتقادات لإعلاميين ونشطاء، عبروا عن شكواهم من ازدياد الأعباء على المواطنين المصريين، خصوصاً ما يتعلق بزيادة إيجارات الشقق، والضغط على المواصلات، وغيرها من الخدمات العامة.
وتقول مصر إنها تتحمل نحو 10 مليارات دولار سنوياً، جراء تكلفة استيعاب الوافدين، وفق تقديرات رسمية. وشكا وزير الخارجية بدر عبد العاطي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، من «تواضع الدعم الدولي للاجئين والوافدين الذين تتزايد أعباؤهم على مصر».
ويرى المنسق العام لـ«دار الخدمات النقابية والعمالية»، كمال عباس، أن دعم الوافدين لا يجب أن يأتي على حساب العامل المصري وسوق العمل، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «المستثمرين الأجانب، خصوصاً من تركيا والهند، يفضلون تعيين رؤساء الأقسام والملاحظين من بلدانهم، ما يؤثر على فرص المصريين في هذه المنشآت في الترقي».
وأضاف: «مع وجود أعداد كبيرة من اللاجئين في مصر حالياً، يفضل أصحاب الأعمال المختلفة تشغيلهم بدلاً من المصريين، وهو أمر منتشر نلاحظه بكثرة خصوصاً في المحال التجارية»، متسائلاً: «ما الضرر من تحديد النسبة بالقانون لحماية سوق العمل المصرية مثلما نحمي بضائعنا بفرض الجمارك على البضائع المستوردة؟».
لكن في المقابل، يرى خبير السكان ودراسات الهجرة، الدكتور أيمن زهري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن مشروع قانون العمل بشكله الحالي «يضفي مرونة على عمل الأجانب، حيث يحدد الوزير حجم مشاركتهم بقرارات طبقاً للحاجة».
وتطلق مصر لقب «الضيوف» على الوافدين، وتركز التصريحات الرسمية على معاملتهم معاملة المصريين، حيث تترك لهم حرية الحركة والعمل والاندماج بشكل طبيعي داخل المجتمع، «ولا تضعهم في معسكرات لجوء».
وثمَّن مدير عام مؤسسة «سوريا الغد» والناشط السوري في مصر، ملهم الخن، التوجه المصري في دعم اللاجئين، الذي ظهر خلال السنوات الماضية في «غض الطرف» عنهم، وتركهم يعملون في مختلف المجالات «مثلهم مثل المصريين»، والآن تُنظم شؤونهم تحت مظلة القانون، سواء في «قانون اللجوء» أو مؤخراً «قانون العمل».
No Comment! Be the first one.