
آبل تدعو الاتحاد الأوروبي إلى إلغاء قانون الأسواق الرقمية
زبائن أمام متجر آبل في لندن، 12 سبتمبر 2022 (ليون نيل/Getty)
حثّت شركة آبل الأميركية، اليوم الخميس، الاتحاد الأوروبي على إلغاء قانون الأسواق الرقمية، وهو حزمة واسعة من القواعد تهدف إلى كبح نفوذ شركات التكنولوجيا الكبرى واستبداله بلائحة جديدة أكثر ملاءمة. ويأتي هذا الطلب بينما تجري المفوضية الأوروبية مراجعة للقانون، في أول تقييم لمدى فعاليته وقدرته على مواكبة التقنيات الناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. وكانت المفوضية قد دعت أصحاب المصلحة إلى تقديم آرائهم حتى 24 سبتمبر/أيلول.
وقالت آبل، الشركة المتعددة الجنسيات وصانعة هواتف آيفون، إن المستخدمين في دول الاتحاد الأوروبي يواجهون تأخيرات في إطلاق مزايا جديدة، ويقعون تحت مخاطر متزايدة تمس الخصوصية والأمن بسبب قانون الأسواق الرقمية. وطلبت الشركة من المفوضية إعادة تقييم كيفية تأثير القانون على المستهلكين الأوروبيين الذين يستخدمون منتجاتها، مؤكدة أنها ستواصل العمل على تقديم مزايا جديدة مع الالتزام بالمتطلبات القانونية.
وأضافت آبل أنها تعارض هذا القانون منذ البداية، معتبرة أنه تسبب في تدهور جودة الخدمات المقدمة لمستخدمي منتجاتها، وأنه عرّضهم لمخاطر كانوا محميين منها سابقاً، وأوضحت أن القانون يجبرها على تأجيل طرح عدد من الخصائص في الاتحاد الأوروبي، من بينها خاصية عرض ما يظهر على شاشات هواتف آيفون على أجهزة ماك، وميزة الترجمة الفورية عبر سماعات “إيربودز” اللاسلكية. وأرجعت ذلك إلى تحديات هندسية.
كما أشارت إلى أن بعض الخصائص المعتمدة على الموقع في تطبيق الخرائط أُرجئ إطلاقها داخل الاتحاد الأوروبي، لأن القانون يطلب منها جعل بعض المزايا تعمل مع منتجات غير تابعة لآبل أو مع مطوّرين من أطراف ثالثة قبل طرحها. وأضافت الشركة أنها لم تجد وسيلة للامتثال لمتطلبات القانون من دون المساس ببيانات المستخدمين، وأن الضمانات التي اقترحتها رُفضت من جانب المفوضية الأوروبية. واقترحت في حال تعذّر إلغاء القانون، سلسلة من التغييرات الجذرية، تبدأ بإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة عن المفوضية تتولى مراقبة الالتزام بالقواعد.
وأكدت آبل، التي تتفق انتقاداتها للقانون مع معارضة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لتدخل الاتحاد الأوروبي في القطاع الرقمي، أنّ التشريع يضطرها لحرمان المستهلكين الأوروبيين بعض الميزات الجديدة عند إطلاقها، إلى أن يتأكد مهندسوها من امتثالها للقيود التي تفرضها بروكسل.
وقدّمت شركة التقنية الأميركية سلسلة أمثلة، منها أنها اضطرت بسبب القانون إلى تقييد الطراز الأحدث من سماعاتها اللاسلكية (AirPods Pro 3) لدى طرحه في أسواق الاتحاد الأوروبي، من خلال إزالة وظيفة الترجمة الفورية التي تُعد إحدى أبرز ميزاته. وقالت آبل في بيانها: “اتضح أننا لا نستطيع حل كل مشكلة يخلقها قانون الأسواق الرقمية… ومع الوقت بات واضحاً أن قانون الأسواق الرقمية لا يساعد الأسواق، بل يجعل ممارسة الأعمال في أوروبا أكثر صعوبة”. في المقابل، لم ترد المفوضية الأوروبية بعد على طلب من وكالة رويترز للتعليق.
وفي يونيو/حزيران الماضي، غيّرت آبل القواعد والرسوم في متجر التطبيقات داخل الاتحاد الأوروبي للامتثال لنظام مكافحة الاحتكار في التكتل. ويُلزم قانون الأسواق الرقمية شركات التكنولوجيا الكبرى بفتح منصاتها أمام المنافسين. وقالت الشركة إن ذلك أدى إلى تجربة تطبيقات “أكثر مخاطرة وأقل سلاسة” للمستخدمين الأوروبيين، إذ إن التحميل الجانبي والمتاجر البديلة يفتحان الباب أمام تهديدات مثل الاحتيال، والبرمجيات الخبيثة، والتطبيقات الإباحية التي كانت محظورة سابقاً على متجر التطبيقات.
يُذكر أن هذا التشريع، الذي أقره الاتحاد الأوروبي عام 2022 ويسري منذ مارس/آذار 2025، ينص على غرامات تصل إلى 10% من رقم أعمال الشركة على الصعيد العالمي، وقد ترتفع إلى 20% في حال تكرار المخالفة. وتكشف خطوة آبل بالضغط لإلغاء أو تعديل قانون الأسواق الرقمية عن الصدام المتصاعد بين كبرى شركات التكنولوجيا والاتحاد الأوروبي، حيث تسعى بروكسل إلى ضبط هيمنة هذه الشركات وحماية المنافسة، بينما تحاول أبل حماية نموذجها التجاري القائم على التحكم الكامل بالمنظومة.
من الجانب الاقتصادي، يشكل هذا الخلاف عاملاً مؤثراً في بيئة الاستثمار داخل أوروبا، إذ قد يدفع بعض الشركات إلى إعادة النظر في وتيرة إطلاق منتجاتها أو حجم استثماراتها في السوق الأوروبية، ما قد ينعكس سلباً على الابتكار وفرص العمل. وفي المقابل، ترى بروكسل أن كلفة الامتثال أقل ضرراً من استمرار سيطرة عمالقة التكنولوجيا بلا قيود، الأمر الذي يجعل السنوات المقبلة حاسمة في تحديد التوازن بين حماية المستهلك والمنافسة من جهة، وضمان استمرار التدفقات الاستثمارية والتكنولوجية من جهة أخرى.
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)
No Comment! Be the first one.