
على مجلس النواب المصري أن يستهلّ حقبة جديدة من التشاور
في 21 سبتمبر/أيلول 2025، وفي خطوة نادرة وغير متوقعة، استخدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سلطته الدستورية لرفض مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي كانت تشوبه عيوب جسيمة وأعاده إلى مجلس النواب “لبحث الاعتراضات على عدد من مواد مشروع القانون”.
لما يقرب من عقد من الزمان، كانت مجالس النواب المتعاقبة في عهد الرئيس السيسي بمثابة أداة للموافقة الصورية على سياسات الحكومة. على أعضاء مجلس النواب استغلال هذه الفرصة لإجراء مراجعة جوهرية لمشروع القانون.
على أعضاء المجلس المشاركة بصدق في مشاورات شفافة مع منظمات حقوق الإنسان المستقلة والخبراء القانونيين ونقابة المحامين لوضع مشروع قانون يتوافق مع دستور مصر والتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. أعربت منظمات حقوقية و”مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان” عن استعدادها لدعم هذه العملية.
حثت العديد من المنظمات الحقوقية المصرية المستقلة والمنظمات الدولية وخبراء الأمم المتحدة ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الرئيس السيسي على رفض مشروع القانون الكارثي. أظهر تحليل أجرته “هيومن رايتس ووتش” أن مشروع القانون سيقوّض الحماية الضعيفة أصلا لحقوق المحاكمة العادلة في مصر، وسيوسّع سلطة مسؤولي إنفاذ القانون التعسفيين.
ومن أبرز عيوب مشروع القانون أنه لا يضع حدا للاستخدام الروتيني وغير المبرر للحبس الاحتياطي، وهو صفة ملازمة للقمع في مصر، ما يُرسخ استخدامه المفرط، مع أنه ينبغي أن يكون استثناء.
تضمنت المسودة المقترحة بنودا تُقننّ وتوسّع نطاق استخدام “الفيديوكونفرنس” في جلسات الادعاء والمحكمة. تقوّض جلسات الاستماع عن بُعد ضمانات المحاكمة العادلة وتعيق الموظفين القضائيين عن تقييم سلامة المتهمين، ما يجعلهم أكثر عرضة للانتهاكات، بما يشمل ظروف السجن التعسفية.
أقر بيان الرئاسة الذي رفض مشروع القانون ببعض هذه العيوب. ذكر مثلا الحاجة إلى “تحقيق مزيد من الضمانات لحرمة المسكن ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة، وزيادة لبدائل الحبس الاحتياطي للحد من اللجوء إليه”.
إذا اغتنم مجلس النواب هذه الفرصة، قد يكون لذلك تداعيات تتجاوز مشروع القانون. إذا استُخدِم رفض السيسي التصديق على مشروع القانون المعيب بشكل صحيح، قد يُمثل ذلك فرصة ذهبية لبدء عكس مسار أزمة حقوق الإنسان الطويلة الأمد في مصر، وهي الأسوأ منذ عقود.
No Comment! Be the first one.