
قوانين مهترئة تفرمل جودة الفنادق التونسية
جدول المحتويات
يرتكز القطاع السياحي في تونس على الوحدات الفندقية الساحلية والخدمات الشاطئية بين ترفيه ورياضات متنوعة، في الوقت الذي يشهد فيه قطاع الإقامات السياحية البديلة بأنواعها نمواً ديناميكياً، لكن تفتقر السياحة التونسية بصورة عامة إلى غياب الإطار القانوني المنظم للأنماط الجديدة، علاوة على تأخر تطوير ومراجعة المعايير القديمة للفنادق وتطوير التراتيب المتعلقة بالتسويق والتصنيف، مما نتج منه ازدهار السوق السوداء من طريق أنشطة خارج الإطار القانوني بخصوص الإقامات السياحية.
بينما تعاني الفنادق من أزمة إضافية وهي عدم تحديث تصنيفها منذ 20 عاماً، مما دفع المهنيين إلى انتقاد حوكمة القطاع بصورة عامة التي تهدد بفقدان تنافسية تونس وسط سباق إقليمي محموم مع جيرانها العرب للظفر بوجهة سياحية متطورة وجاذبة للمستثمرين.
نشاط خارج الإطار القانوني
ويستجيب قطاع الإقامات السياحية (إقامات فاخرة أو ريفية ومنازل عتيقة تقليدية) للطلب المتغير، وإذا ما تم تنظيمه بصورة أفضل فقد يسهم في تنويع إيرادات السياحة، وتحفيز التنمية المحلية بجميع الجهات الداخلية للبلاد، وتوفير فرص عمل جديدة وفقاً للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات (هيئة مستقلة).
وكشفت الدراسة التي أجراها المعهد أن هذه السوق حالياً ومعظمها غير رسمية، تضم ما بين 700 و1000 دار ضيافة، وإذا ما أضيفت إليها وحدات الإيجار المفروشة، فإن العدد الإجمالي يقترب من 2000 وحدة، ومع ذلك، فإن أقل من 10 في المئة من هذه المنشآت حاصلة على ترخيص رسمي.
ويفسر هذا النشاط غير القانوني بضعف الإطار التنظيمي الموروث من قطاع الفنادق التقليدي، والإجراءات الإدارية المعقدة والمطولة، ونقص الدعم الفني والمالي للمشغلين، لا سيما في المناطق الداخلية.
وتعوق هذه الفجوة بين الواقع والاعتراف المؤسساتي الاستثمار، بل وتحد من فرص الحصول على التمويلات وتقصي هذه المنشآت من الدوائر السياحية الرسمية.
وتتمتع هذه السوق الجديدة بإمكانات اقتصادية هائلة لفائدة القطاع السياحي، إذ من المتوقع أن تصل الإيرادات السنوية المدرة من بيوت الضيافة والإيواء الريفي إلى 1.31 مليار دينار(451 مليون دولار) بحلول عام 2030، مقارنة بـ620 مليون دينار (213.7 مليون دولار) متوقعة لعام 2025.
أيضاً، من شأن هذا التطوير أن يوفر مزايا هيكلية عديدة، ومنها القضاء على موسمية النشاط السياحي وامتداده لكامل العام وتعزيز الاقتصاد المحلي في المناطق الأقل تأثراً بالسياحة الجماعية والتي تعاني من مشكلات تنموية.
وفي ظل المنافسة الإقليمية الشديدة والتعرض للصدمات الخارجية، يبدو هذا التنويع ضرورة لتعزيز مرونة قطاع السياحة التونسي.
وعود في انتظار التصنيف
إدراكاً لهذه التحديات، قالت وزارة السياحة أنها بصدد مراجعة المواصفات المطبقة على بيوت الضيافة، والفنادق الريفية، والمخيمات، والموتيلات، في حين انتقد المهنيون تأخر إصدار القانون الذي أدى إلى انتشار الفوضى في القطاع من طريق ممارسة نشاط من دون تراخيص أو مواصلته بالاستفادة من تصنيفات قديمة. وذكرت عضو المكتب التنفيذي للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات والمستثمرة في القطاع السياحي منى بن حليمة العلاني، أن “الإشكاليات ناجمة عن سوء الحوكمة وهي عديدة، وبخصوص السياحة البديلة والإقامات السياحية تم حذف الرخص من قبل الوزارة التي أعلنت عن تعويضها بقانون جديد (كراس شروط)، لكنها لم تصدرها مما مهد للواقع الحالي وهو نشاط من دون رخص أو قوانين والواقع أن الوزير قدم وعوداً بإصدار القانون منذ يونيو (حزيران) 2025”.
أضافت “علاوة على الإشكال الثاني الأكثر وطأة وتأثيراً في الوجهة التونسية وهو عدم مراجعة تصنيف الفنادق بحسب معايير الجودة منذ 2005، مما نشأ عنه منافسة غير شريفة بين مؤسسات فندقية مطابقة للمواصفات العالمية لتصنيف 5 أو 4 نجوم وأخرى متدنية الخدمات ومتحصلة على التصنيف ذاته، ولم يعتمد التحديث وإعادة التصنيف نحو الرفع أو الخفض على رغم الاشتغال عليه جيداً بين المهنيين والوزارة منذ 2019، وظلت الدراسة الجديدة في الرفوف لدى الوزارة من دون تفسير”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلى ذلك، يتواصل عدم احترام المعايير العالمية من قبل عدد من المؤسسات المستفيدة من هذا التأخير والتجاهل والعمل بمواصفات 2005 أمام أنظار الإدارة.
وأشارت بن حليمة إلى تأخر التنقيحات ومراجعة القوانين يتعلق بالحوكمة وهو مسيء للسياحة التونسية ويؤثر سلباً في الاستثمار والنمو الاقتصادي ويضر بالوجهة التونسية”.
نصوص طاردة للاستثمار
من جهته، دعا المحلل المالي وعضو المكتب التنفيذي للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات أحمد كرم، إلى تطوير أساليب التسويق ووضع أطر قانونية جديدة للأنشطة السياحية الكلاسيكية والمستنبطة. وقال إن “تغييرات جوهرية طاولت السوق وعلى رأسها العميل المعتمد للرقمنة في حجوزاته مستبعداً الوسطاء، مما يحتم تغيير تونس لسياسات التسويق بتركيز المنصات الإلكترونية، علاوة على النقلة النوعية للوجهات المطلوبة التي تحولت إلى تجربة اجتماعية وحضارية تتجاوز الاستجمام والرفاهية، وهو ما يدفع إلى حتمية التأسيس للسياحة المستدامة وهي تكميلية للكلاسيكية ترتكز على سياحة المسنين باستقطابهم للإقامة الدائمة والسياحة الصحية”. وأشار إلى أن تونس من أهم الوجهات في هذا الصدد والسياحة الريفية والبيئية والتاريخية من طريق الإقامات السياحية على النمط الجديد والفنادق المتخصصة، وعلى رغم الإمكانات المتوافرة والمؤهلات البشرية تفتقر تونس إلى الأطر القانونية الملائمة.
وأوضح كرم “يحتاج القطاع إلى تغيير التشريعات والتراتيب الإدارية والنظر في توجيه الاستثمارات والتمويل البنكي، وهي سياسات قابلة للتطبيق من طريق تشجيع البنوك بتوفير ضمان التمويلات على سبيل المثال كذلك إنشاء إعفاءات ضريبية لنمط جديد من السياح المسنين لتشجيع الإقامة الدائمة، وهي خطوات إجرائية ضرورية لتأطير الأنشطة القائمة حالياً التي تشكو من الوضعية الهامشية، وهو ما يحرم تونس من استثمارات واعدة بحكم تعبير عدد كبير من المستثمرين عن رغبتهم في الاستثمار في هذه الأنماط السياحية الجديدة وترددهم لغياب القوانين”.
يشار إلى أن إيرادات السياحة في تونس ارتفعت بنسبة 8.38 في المئة، لتصل إلى 6.05 مليار دينار (2.08 مليار دولار) حتى سبتمبر (أيلول) 2025 مقارنة بـ 5.58 مليار دينار (1.9 مليار دولار) خلال الفترة ذاتها من 2024.
وحققت تونس في 2024 رقماً قياسياً في عدد الوافدين بتخطيهم 10 ملايين سائح وتطورت عائدات القطاع السياحي 2024 وبلغت قيمتها 7.5 مليار دينار (2.5 مليار دولار)، أي بنسبة ارتفاع 8.3 في المئة، مقارنة بـ2023.
وينتظر أن تسهم السياحة بـ4.9 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي، ويبلغ عدد الوحدات الفندقية 800 بعد تسجيل انخفاض في السنوات الأخيرة وفق الديوان الوطني للسياحة (حكومي).
No Comment! Be the first one.