
وجه إيمان “مشوه” أم القوانين؟ سؤال مغربي موجع
جدول المحتويات
أعادت حادثة تعرض شابة مغربية تدعى إيمان لاعتداء شنيع من طرف طليقها إلى الواجهة ملف محاربة العنف ضد النساء، وضرورة تعديل القانون رقم 103.13 لحماية أكثر نجاعة للضحايا، وهو مطلب حقوقي ينادي به عدد من الجمعيات والمنظمات النسائية داخل البلاد.
وخلال وقت تعالت مطالب بتعديل القانون ليحمي النساء اللائي يتعرضن للعنف من طرف الزوج أو الطليق، تنامت أيضاً دعوات الحقوقيين بتطبيق منع تزويج المغتصبة من مغتصبها حتى لا يفلت من العقاب.
قضية رأي عام
تحولت حادثة تعرض الشابة إيمان من مدينة تازة (وسط المغرب) لاعتداء وحشي من طرف طليقها تسبب في جراح غائرة عديدة في وجهها إلى قضية رأي عام في البلاد. وتناولت القصة منابر إعلامية دولية أيضاً، وتعاطف ملايين المغاربة مع الزوجة الشابة ضد طليقها المعتدي الذي يمكث رهن الاعتقال بانتظار محاكمته بتهمة الاعتداء المفضي إلى عاهة مستديمة، بينما حظيت الضحية بدعم الأميرة مريم شقيقة العاهل المغربي التي تكفلت بمقابل إجراء جراحات تجميلية لإصلاح الأضرار العميقة التي خلفها الاعتداء، واستعادة عافية إيمان جسدياً ونفسياً.
وكانت قضية إيمان فرصة سانحة لتجديد منظمات وجمعيات وناشطات طرح مطلب تعديل القانون رقم 103.13 المتعلق بالعنف ضد النساء، من أجل إحاطة المرأة المغربية زوجة كانت أو غير ذلك بحماية أكبر ضد اعتداءات الزوج أو الطليق أو غيرهما.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويحدد قانون مكافحة العنف ضد النساء، الذي دخل حيز التنفيذ خلال سبتمبر (أيلول) 2018، أنواعه من عنف جسدي ونفسي وجنسي واقتصادي، ويحدد الإطار التشريعي لقضية تعنيف النساء بالمغرب، ناصاً على آليات التكفل بالنساء من ضحايا العنف، وأيضاً على الإجراءات والمبادرات للوقاية من العنف.
لكن قضية إيمان وما تعرضت له والهالة الإعلامية والاجتماعية الكبيرة التي رافقتها سلطت الضوء من جديد على نواقص هذا القانون، وأشعلت فتيل انتقادات المنظمات النسائية التي طالبت بتعديله ليكون أكثر فاعلية في حماية المرأة المعنفة.
من جهتها ترى الحكومة، في شخص وزارة التضامن والأسرة، أن القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء يعد “ثورة في الترسانة القانونية المغربية، إذ أتاح للمملكة إطاراً قانونياً شاملاً خاصاً بمحاربة جميع صور العنف ضد المرأة وتوفير الحماية القانونية للنساء من ضحايا العنف، من خلال أربعة أبعاد تهدف إلى ضمان الوقاية والحماية وعدم الإفلات من العقاب والتكفل الجيد بالضحايا”.
تعديل “مكافحة العنف”
منظمات نسائية وحقوقية رأت أن حادثة إيمان تشكل مدخلاً حقيقياً وضرورياً لتعديل قانون مكافحة العنف ضد النساء بالمغرب، لا سيما في جانب الوقاية من العنف أو حماية المرأة من حالات العنف عند تقديم الشكاوى إلى القضاء، أو حتى في مرحلة ما بعد التعرض للعنف.
وفي هذا الصدد أفادت الناشطة النسائية رشيدة بنعاشور بأن قانون مكافحة العنف ضد النساء في المغرب مكسب تشريعي واجتماعي، لكن القوانين وحدها لا تحمي النساء المعنفات من طرف أزواجهن وغيرهم في الشارع والبيت.
وتابعت الناشطة أن القوانين تُسن لكي تطبق وتضفي نوعاً من الحماية القانونية للمعنيات بهذه الترسانة القانونية، غير أن المسجل أن العنف الزوجي والعنف ضد النساء بصفة عامة لا يزالان متفشيين، ولا تزال المرأة تتعرض لشتى أصناف العنف من دون أن يسهم القانون المذكور بكثير من النجاعة في حمايتها.
ووفق المتكلمة نفسها، فإن قانون مكافحة العنف ضد النساء يعد مكسباً لأنه بالفعل يقوم بزجر المعتدي على المرأة سواء كان العنف جسدياً أو جنسياً أو نفسياً أو مالياً واقتصادياً، لكنه لم يحمها بالصورة الكافية في مراحل أخرى مهمة، مثل مرحلة تقديم شكاياتها القضائية أو ما بعد العنف الذي تعرضت له.
وسجلت المتحدثة ضعفاً في البنيات المخصصة لإيواء النساء المعنفات ومواكبتهن نفسياً واجتماعياً واقتصادياً أيضاً، إذ إن كثيراً من النساء يقبلن ويخضعن للعنف لأنهن لا يجدن مراكز إيواء يلجأن إليها، خصوصاً إذا ما اصطف أهلها إلى جانب المعتدي أو عند رفضها أن تكون عالة على أسرتها”.
قانون المغتصبة
كذلك أشعلت قصة إيمان مطالب أخرى بتطبيق منع تزويج المغتصبة من مغتصبها حتى لا يفلت من العقاب، ذلك لأن الضحية كانت تزوجت بشاب اغتصبها ونتج من الحادثة حمل قبل أن تقبل بالزواج منه لذرائع اجتماعية، غير أنه استمر في الاعتداء عليها لتطلب الطلاق وتحصل عليه، ثم تعرضت لاعتداء شنيع مزق وجهها وأثار الزوبعة الأخيرة.
في المغرب تنامت حالات تزويج المغتصب من ضحيته بهدف “درء الفضيحة” أو تحت ضغوط الأسرة والمجتمع، قبل أن يقرر البرلمان المغربي خلال يناير (كانون الثاني) 2024 تعديل قانون العقوبات الذي كان يعفي مغتصبي الفتيات القاصرات من الملاحقة القضائية والسجن إذا قبلوا بالزواج منهن.
هذا التعديل القانوني على رغم المصادقة عليه داخل البرلمان المغربي لم يجد مع ذلك التنزيل الأمثل على أرض الواقع، ولا تزال ثمة حالات تُزوج فيها الفتاة من مغتصبها لدوافع اجتماعية بالأساس تتعلق بالشرف ودفع الفضيحة.
وفي هذا السياق تقول الناشطة الحقوقية ورئيسة جمعية “التحدي” للمساواة والمواطنة بشرى عبدو إن جمعيتها ترفض بصورة قطعية تزويج المغتصبة من مغتصبها، لأن هذا الاغتصاب يعد عنفاً جسدياً وجنسياً لا يمكن قبوله، ولا يتعين أن يكون هناك تنازل عن الحق المدني في تشديد العقوبات ضد جريمة الاغتصاب.
وأوضحت عبدو “قد تتنازل الضحية عن حقها في متابعة المغتصب بسبب التهديدات أو بعض الإكراهات الاجتماعية، غير أن الحق العام للمجتمع لا يجب أن يتم التغاضي عنه”، مردفة أن هناك حالات يطرح فيها مشكل حمل المغتصبة وإثبات النسب، لكنها إشكالات يمكن إيجاد حلول لها مثل إلحاق الطفل بالرجل من دون إبرام عقد الزواج”.
وخلصت الناشطة إلى أن ملف الشابة إيمان يرتبط أساساً بالعنف النفسي والجسدي والجنسي، بالتالي فإن الموقف الحقوقي الحازم يسير في تعديل القوانين المرتبطة بالملف، وضرورة منع تزويج الضحية بمن اغتصبها، مع تشديد العقوبات على الجاني.
No Comment! Be the first one.